عودة المعتزلة

كتب في سبيل النهضة والتغيير

كتب أهل التوحيد والعدل المعتزلة تعود للوجود

قبل الدخول لموضوع عودة كتب المعتزلة للظهور ؛ لابد من ذكر ملاحظتين : الأولى : إنَّ تركة المعتزلة من الكتب ، قلَّ ما انتهى إلى هذا العصر ، لما نـزل به من الحرق والتدمير على يد السلطة والأشاعرة وأهل الحديث . والثانية : المقدار العظيم مما صب من قبل القوى الثلاث على رؤوس أصحابه من التقبيح والتكفير ، وترتب على ذلك أنَّ القليل الباقي من تراث المعتزلة العظيم وصل إلى هذا العصر من طرق ثلاثة هي : ـ

1. ما حنَّتْ عليه الزيدية في اليمن لقرب مذهبهم من الاعتزال ، وإذ عثرت علية البعثة المصرية في رحلتها لليمن عام 1951 م وكانت برئاسة الدكتور خليل نامي شكلت إنقلابا في التفكير في. أمر المعتزلة ، وكان تأثيرها قويا .

2. ما أدخره العلماء من الفرق الأخرى رغبة بالانتفاع بما فيه من علوم شتى ، مما لا علاقة له بأصول المعتزلة .

3. ما انملق عن أيدي مضايقيه خفية أو صدفة ، مثل كتاب الانتصار للخياط ، وقد ورد على الورقة الأولى من كتاب الانتصار التوقيع التالي " وَقَفَ على هذا الكتاب وطالع بعضه ـ الفقير الـمحتاج إلى رحمة ربه تعالى وعفوه ـ محمد بن أحمد بن الصميدي الشافعي فوجد فيه الاعتناء بكلام المعتزلة ، والذب عنهم ، والأجوبة عن كلامهم ، فظهر له من ذلك أنَّ مؤلفه معتزلي ؛ فينبغي ألاَّ يطالع ويجتنب " انتهى التوقيع ، وبعد ذلك أقول وبالله التوفيق ومنه استمد العون .

بعد العثور على تراث المعتزلة بدأت وظهرت ومنذ عام 1960 م أعمال اعتمدت تراث المعتزلة وهي :

(1) تحقيق ما عثر عليه من التراث المعتزلي .

(2) تقديم أطروحات أكاديمية في فكر المعتزلة .

(3) كتابة بحثية في ذلك الفكر .

تشكل رد فعل شديد جدا من قبل السلفية على هذا العمل ، الذي لا يمكن وصفه بغير كلمة أكاديمي ، فطبعت السلفية العديد من المؤلفات أكاديمية أو بحثية ضد الفكر المعتزلي ، وسارت على نفس الطريق السابق تقبيح فكر المعتزلة فقط .

وبقي المعتزلة وتراثهم على هذه الصورة لثلاثة عقود ، بل استغل تراث المعتزلة من البعض للترويج لأفكار الحريات الليبرالية الغربية ، فأخرج الفكر المعتزلي عن معطياته وحركته وهدفه ، ونظرا للانتشار الواسع للحديث المتعلق بالملاحم وأشراط الساعة وعذاب القبر والنبوءات المستقبلية ، ولوقوف بعض الكتاب أمام عذاب القبر ـ دون أي تعلق بفكر الاعتزال ـ بما هو منهج لفهم الإسلام ، وصف مثل هؤلاء بالمعتزلة ، بل وصف حزب التحرير بأنه على الاعتزال ، وشن عليه هجوم شديد من قبل الأحباش والسلفية وخاصة الشيخ الألباني .هذه هي الحال في المعتزلة وفكرها منذ 1951 م وحتى 1990 م .

لقد كان لحال التردي والسقوط التي عليها الأمة ، دعوة إلى ظهور حركة المعتزلة بعد عشرة قرون من اندثار المعتزلة ، ظهرت في الأردن عام 1990 م ، ثم توسعت في غير الأردن ، ولا تزال الحركة دائبة الحركة تناضل وتكافح من اجل تصحيح ذاكرة الأمة ، للعودة مرة أخرى لتتبنى منهج المعتزلة في فهم الإسلام ، بنشر الفكر والجدل الحي فيه ، وعرضه ليكون دعوة لاستئناف الحياة الإسلامية ، امتثالا لقوله تعالى : [((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) (يوسف:108) وقوله ((وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) (الأنعام:153) وقوله في ضرورة الحياة الإسلامية : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ * وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)) (الأنفال:24- 27)] فالإسلام في نظر المعتزلة دين للحياة .

لقد أمكن ـ منذ وجدت حركة المعتزلة ـ إلقاء محاضرات وإجراء نقاش ، والكتابة بالصحافة ونشر الكتب وغير ذلك من نشاط ثقافي . وبفضل من الله أمكن إصدار كتب تشرح فكر المعتزلة ، تخاطب وتجادل الفكر السائد ، وقد صدر حتى الآن من المجموعة التي تبلغ أربعين بين كتاب ورسالة خمسة كتب وهي :

(1) كتاب جدل الأفكار ، وهو قراءة فكرية في فكر حزب التحرير قراءة مقارنة حول ما تبنى الحزب من أفكار في : الألوهية ، القضاء والقدر ، الأجل ، الرزق ، الهدى والضلال ، النصر . الجزاء بالإضافة إلى مقدمات وفصول خاصة أخرى . والكتاب يقع في 212 صفحة .

(2) موسوعة جدل الأفكار [جدل حول السلفية المعاصرة] [قراءة في السلفية الألبانية] كشف الكتاب طريقة الشيخ في التصحيح من خلال حديث واحد حكم عليه بالصحة ، وطريقته في التضعيف من خلال حديث واحد ضعفه أيضا ، وطريقته في بناء الأفكار ، مع مقدمة موجزة جدا حول علاقة الشيخ في أصول المعرفة الإسلامية ، ولعدم وجود أصول أو منهج له وقع الشيخ في إشكاليات عديدة في ما قال أو نشر . وقد اتخذ الكتاب منهج التوثيق في تتبع تام . والكتاب يقع في 154 صفحة .

(3) موسوعة جدل الأفكار الثالث ، وقد جمع الكتاب مجموعة من المحاضرات في المنتديات والمراكز الثقافية ( في الفترة من 17 آذار 1990 م إلى 5 شباط 1995 م ) بقصد تحريك عقل الأمة لتقف الوقفة الصحيحة الصادقة في أهم أحداث شهدتها المنطقة والمحاضرات كانت وصفا وتحليلا ورؤية لمستقبل سياسي ، وقد صدقت الرؤى ، وها هي الآن تشاهد على ارض الواقع . والكتاب يقع في 244 صفحة .

(4) رسالة جدل الأفكار الأولى ، وهي قراءة نقدية لرسالة أصل الدين عند الرازيين ، وشملت تعليقات مجملة على تعليق من اصدر وريقات تلك العقيدة ، وفهم عقيدة الرازيين أمر ضروري لكل من يعني نفسه بشؤون فكر التغيير . والرسالة تقع في 50 صفحة.

(5) رسالة جدل الأفكار الثانية : وعنوانها الله عالم لا يجهل ، قراءة تفصيلية لفكرة أن ألله عالم لا يجهل ، وهذه الرسالة أجرأ رسالة أخذت على عاتقها دون مواربة هدم مستند القائلين بالجبر في أي صور من صوره ، والرسالة تقع في 72 صفحة.

(6) فصل من كتاب موسوعة جدل الأفكار رقم 12 وهو كتاب أختص بقراءة جدلية ـ كما هي كتب جدل الأفكار ـ والكتاب عبارة عن قراءة تحلل الأشعرية قديما وحديثا غايتها كشف المغالطات في النسق الفكري الأشعري .

(7) مقتضى مذهب أبن تيمية أن القرآن مخلوق : هذا الكتاب السادس لم يكتبه معتزلي ، وإنما كتبه سلفي من منبت شعره إلى أخمص قدمه ، إن أحمد محمود منصور وهو سلفي من مصر يعيش في الأردن . وهو الذي صحح المادة الشفوية التي قالها الشيخ الألباني وسجلت في أشرطة إذ جرى تحويل المادة لفتاوى مطبوعة . لقد وضع الكاتب الباحث أصبعه على المفارقة الغريبة في ما يكتبه ابن تيمية ، من كونه يرفض فكرة خلق القرآن ، ويقول بها في نفس الوقت ، والكتاب جديد من حيث موضوعه ، فلم يسبق الباحث أي كان وتناول هذه المفارقة ، ومن حيث منهج البحث الذي اتبعه الباحث ، إذا كان استقصاؤه شاملا . لقد عرف مؤلف الكتاب بالكتاب بقوله كما هو مدون على جلده : (( لما أشاع الجهمية مصطلحهم "القرآن مخلوق" قابلهم جماعة من أهل الأثر "أن القرآن غير مخلوق" يريدون بذلك أنه تعالى يتكلم لذاته وأن القرآن كلامه ولم يكن مرادهم : أن القرآن المنـزل إلى الخلق هو صفة لله تعالى لكن لم ينقض زمان طويل حتى أصبح معناها كذلك)) .

يستند هذا البحث على ركيزتين أساسيتين في مذهب أبن تيمية رحمه الله تعالى في الأسماء والصفات هما :

(1) لا يصح أن يكون القرآن المنـزل صفة لله لأن ذلك قول بالحلول .

(2) التفريق الواضح بين الصفة القديمة اللازمة للذات الإلهية والفعل الحادث بها والمفعول المنفصل عنها .

وفي مسألة الكلام الإلهي ، الصفة القديمة هي (المتكلمية) والفعل الحادث هو التكلم . أما الكلام فهو مفعول منفصل عنها . كما يستمد البحث ثقته من وهاء الاستدلالات السمعية على أن القرآن المنـزل صفة لله تعالى . ولو صح لوجب الإذعان له .مع التزام ما يلزم منه . ولا يستقيم مذهب ابن تيمية في القرآن إلا بإحدى ثلاث .

(1) أن ابن تيمية وأصحابه لا يقولون بأن القرآن المنزل صفة لله تعالى .

(2) أن هذا القرآن المنزل غير منزل .

(3) جواز حلول صفات الله بخلقه .

والكتاب يقع في 500 صفحة . إن هذه الكتب مهمة جدا لكل من هو مهتم بالفكر ، والعمل على تغيير الواقع الذي تتردى فيه الأمة ، والحضيض الأحط الذي هي عليه . تطلب هذه الكتب جميعها من قراءات تلفون 4627509 أو تلفون 5668217 والحمد لله وحده.