رحمه الله تعالى

المعتزلة المعاصرة

أمين نايف حسين ذياب

Get Adobe Flash player

البحث في محتوى الموقع

احصائيات

عدد زيارات المحنوى : 533045

العمرة والحج الى بيت الله الحرام فريضة مشروطة

العمرة والحج الى بيت الله الحرام فريضة مشروطة

عكف مفكرو الفكر الاسلامي على بيان حكم التكليف دون عناية ببيان حكم الوضع المتعلق بهذا التكليف ولحث العامة وخاصة الكسالى على القيام بحكم التكليف قاموا بوضع كثير من الاحاديث وهي أحاديث الترغيب ووضعوا احاديث سميت بأحاديث الترهيب ضد من لا يقوم بها وأن هؤلاء الوضاع هم من أهل الزهد والورع أي اهل التعبد الطقسي وأهل التحلي بالفضائل حسب تصوراتهم وليس حسب تصور الاسلام فقد صار محور الوضع هو العبادات الفردية والسـلوك الفردي اذ هم لا يتصورون الاعمال الا من الفرد فوحدة الفرد هي المجتمع لديهم ولهذا تركز في عقولهم ونفوسهم مقولــة (اصلح الفرد يصلح المجتمع) ولانهم يعلمون ان مقومات الفرد هي العقائد والعبادات والاخلاق والمعاملات فقد تركز الوعظ على اعتبار ذلك اساساً لصلاح الناس.

لقد قدِّر لكثير من هذه الاحاديث الموضوعة ان تصل الى عقول المسلمين وان تتشربها نفوسهم لسببين اولها كثرة الوعظ فيها حسب المواسم التي تتكرر كل عام وثانيها قبول علماء المسلمين لها على اعتبار جدواها على الاكثر او على اعتبار صحتها لانها صحيحة حسب منهج الرفض والقبول الذي ارتضوه دون تمحيص وفحص.

ولكن ثالثه الأثافي التي جاء بها هؤلاء الوعاظ والمفتون هو سلم القيم الذي اخترعوه اختراعاً من عندياتهم فجعلوا لبعض العبادات حتى لو أديت على سبيل النافلة مقدارا عظيماً من الثواب من شأنه أن يمسح ذنوب اسبوع او شهر او سنة او العمر كله او بعضه ضاربين بالقرآن الكريم عرض الحائط كانهم لم يقرأوا قوله تعالى :

((فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره)) وقوله تعالى ((فكيف اذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون)) ان من المؤسف والمؤلم ان لا يتفطن هؤلاء الوعاظ واولئك المفتون الى قضية احباط الاعمال التي تكررت في القرآن الكريم ست عشرة مرة بصيغ مختلفة وجعلوا سبب الاحباط لهذه الاعمال الكفر والشرك اعتماداً على دراسة بعض الآيات التي ورد بها الاحباط دراسة سطحية فلم تدرس من خلال معنى الاحباط ومن خلال السياق ومن خلال تنوع اسباب الاحباط ويكفي قراءة الاحباط كما ورد في سورتي الحجرات ومحمد ففي سورة الحجرات وردت آية الاحباط كما يلي ((يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ان تحبط اعمالكم وانتم لا تشعرون)). وفي سورة محمد وهي سورة القتال ورد الاحباط كما يلي في الآية 28 ((ذلك بأنهم اتبعوا ما اسخط الله وكرهوا رضوانه فاحبط اعمالهم)) .

ان الاحباط يعني ان يعمل عملاً ثم يفسده ولا يكون الاحباط الا لأعمال صالحة يأتيها الفساد من الكفر او الشرك أو النفاق العملي اذ ان النفاق لا يكون الا عملياً ويأتي من كونه يفسد عمله بأن يعمل ما هو اشد منه فظاعة ومنكراً فالايمان يفسده اي يحبطه دع اليتيم وعدم الحض على طعام المسكين ويفسد الصلاة المراءاة ومنع الماعون ويفسد الصدقات المن او الأذى ، ويفسد الزكاة (زكاة النفس) كتمان ما أنزل الله وشراء ثمن قليل به كما فعل جاد الحق والطنطاوي والشعراوي وابن باز حين أفتوا بجواز منح الاميركان وحلفائهم الارض والمال والرجال ، ويفسد تزكية المال ان تدفع طلباً للسمعة والرياء ، ويفسد الحج الرفث والفسوق والجدال في الحج والقيام بالنسك والشعائر على العادة لا على التقوى ، ويفسد الجهاد طلب المجد والشهرة ،ويفسد الصيام عدم التقوى ، ويفسد الصلاة الاقدام على الفحشاء والمنكر ، ويفسد الايمان ارتكاب المعاصي ، ولا يمكن قبول هذه الاعمال الا بالتوبة ، ويتجاوز الغفور الرحيم عن الصغائر واللوم والذنوب بالاستغفار والاقدام على الواجبات العظيمة .

ومما يفسد الاعمال عدم القيام بها مستوفية شروطها واركانها فمن شروط صحة الحج والعمرة القيام بها حيث الولاية الشرعية فالولاية الشرعية شرط لصحتها وحتى يثبت ذلك لا بد من استقراء ما ورد بشأن الحج والعمرة في الكتاب والسنة .

امام هذه الحقائق يدرك القارىء ان موضوع العمرة والحج مما اهتم به الفكر الاسلامي وضخمه كثيراً واعتنى به عناية خاصة ، وخاصة الفكر الاسلامي الذي اطلق عليه اسم الفكر السني مع انه حقيقة هو فكر السلطة الاموية ولقد بحثه الفكر السني من كل جانب ولكنه اضرب عن بحثه من حيث الولاية مع ان الاحكام السلطانية للماوردى وأبي يعلى تعرضت لولاية الحج من ناحية اهليته دون التعرض لهذه الولاية وشروطها صحتها او بطلاتها او فسادها بسبب من الجور او القهر والغلبة او تحكيم انظمة الكفر او ولاية المنافقين او الكافرين  كفر ملة  او كفرا عمليا ولم يتعرض مفكر اسلامي معاصر لموضوع الولاية عل العبادات لدائرة تختص بالاشراف عليها اي فصل قيادة العبادات عن قيادة الرعاية واختصاص الاولى بدائرة واشخاص يظهر عليهم واقعاً انهم رجال دين اي رجال لاهوت وترك ولاية الحياة لآخرين ومثل هذا هو عين فصل الدين عن الحياة .

أن الفكر السني وخاصة الحنبلي الوهابي هو فكر أثري اي يزعم أنه ملتزم باتباع أثر الرسول ومع هذا فهو أثرى حين القيام بالعبادات على وجه طقسي ولكنه يتحايل على كل حالة او علم من الرسول وصحابته بعده (العهد الراشدي) يظهر الحياة في قيادة العبادات بحيث تظهر الحكمة السياسية في قيادة اعمال العبادات .

أن الفكر السني يتحايل على هذه الاحكام الظاهرة والواضحة للعيان بأسوأ طرق التحايل ويمارس تجييش العاطفة الدينية لعامة ليست كالانعام بل أضل سبيلاً  ولا يجد غضاضة بان يتعاون المسلمون مع انظمة الكفار أو أنظمة المنافقين او انظمة المرتدين أو أنظمة من كانوا في محل الولاية للولايات المتحدة الامريكية وحلفائها الاطالسة .

ولدراسة هذا الموضوع المهم دراسة تتحرى الحق وتسيرها الاستقامة لا بد من قراءة لنصوص الحج كما وردت في القرآن الكريم ثم كما نفذها الرسول صلوات الله عليه عمليا في عمرته وحجه .

القرآن الكريم : ورد لفظ الحج في القرآن الكريم عشر مرات في ست آيات هي :

1. الآية (189) من سورة البقرة وهي بداية الربع الاخير من الحزب الرابع والاية هي ((يسئلونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون)) وتتحدث الآيات (190-195) عن موضوع القتال ردا على العدوان وعند المسجد الحرام وسبب اباحة القتال والقتال بالمثل وطلب الانفاق في التحصين .

2. الآية (196) من سورة البقرة ويرد لفظ الحج فيها ثلاث مرات هي ((وأتموا الحج والعمرة لله)) و((فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة  الى الحج فما استيسر من الهدى)) و((فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة اذا رجعتم)) فالاية اذن في طلب الحج واحكام التمتع على التخيير بالتوالي .

3. الآية (197) من سورة البقرة أيضاً وهذه الآية مع ما يليها من الآيات حتى آية (202) التي هي نهاية الحزب تبحث في الحج من حيث آدابه ومناسكه والتوجه في هذه المناسك ويرد لفظ الحج في الآية (197) فقط  في هذا السياق ويرد في هذه الآية ثلاث مرات ايضاً وهي قوله ((الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج ، فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج)).

4. آية (97) سورة آل عمران وفي القسم الآخير من الآية يأتي قولـــه تعالى ((ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً)) بعد سياق الآية (96) والقسم الأول من الاية (97) مبينة أول بيت وضع للناس وأنه ببكة وانه مبارك وفيه مقام ابراهيم.

5. آية (3) من سورة التوبة وهي قوله تعالى ((وآذان من الله ورسوله الى الناس يوم الحج الاكبر أن الله برىء من المشركين ورسوله فان تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا انكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب اليم)) وهذه الآية لا علاقة لها البتة بفريضة الحج وانما موضوعها ترتيب العلاقة بين مشركي الجزيرة من حيث الاسلام وسمي الحج الأكبر اذ هو أول حج بقيادة الاسلام فقد كان أبو بكر رضي الله عنه أميراً للحج بتوليه الرسول له في السنة التاسعة للهجرة وكان علي رضي الله عنه مبلغاً عن رسول الله صلوات الله عليه إعلان صدر سورة التوبة للمشركين واعطائهم مهلة اربعة شهور فلا حج لهم بعد هذا العام فهو الحج الاكبر فعلا .

6. آية (27) من سورة الحج وهي قوله تعالى ((وآذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق)) وهذه الآية تقرأ في سياق آيات من 25-27 وسواء فسر الأمر (بأذّن) انه لابراهيم عليه السلام او لمحمد عليه السلام فلا مندوحة عن القول ان الآيات نص يرفض تطقيس العبادات .

7. ما سبق هي الآيات التي ورد فيها لفظ الحج او العمرة وهي كلها مدنية وجاء في سورة التوبة آية (19) قوله تعالى ((أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لايستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين)) وهي نص جلي واضح في سلم الاعمال الذي لا ينظر الى شكل الاعمال وطقسها .

يوصل ما سبق من قراءة تدبر لآيات القرآن الكريم ان الحج والعمرة لبيت الله الحرام فرض افترضه الله على عباده مرة واحدة في العمر لمن استطاع اليه سبيلا ولم تجعل الآيات الحج او العمرة على رأس سلم القيم ولم تتعرض الآيات لا من قريب ولا من بعيد لموضوع تكفير الحج للفواحش والمنكرات والفسوق او المعاصي او الأثم او الذنب بل والصغائر وقد نددت الآيات تنديداً واضحاً جليا لا لبس ولا غموض بأهل تطقيس العبادات او من جعلها على رأس سلم القيم .

(1) أما كيف طبق الرسول صلوات الله عليه هذه الآيات في الحج والعمرة على اعتبار انه المبين لما اجمله القرآن الكريم فان دراسة السيرة تبين ان الرسول صلوات الله عليه لم يقم بحج او عمرة طيلة حياته قبل الرسالة مع ان الثابت وجود حج على بقايا دين ابراهيم في الجاهلة ولا تحدثنا السيرة عن حج أو عمرة أو أمر بهما طيلة فترة الرسالة بمكة والبالغة ثلاثة عشر عاما .

(2) وفي السنة السادسة من الهجرة وفي ذى القعدة أستنفر الاعراب الذين حول المدينة والمهاجرين والانصار لعمرة ولم يلب هذه الدعوة الا (1350-1500) من المهاجرين والانصار نتج عن هذه المحاولة توقيع صلح الحديبية ورجع الرسول صلوات الله عليه ومن معه دون عمره وكل من رصد هذه الواقعة يعلم انه عمل سياسي سماه الله فتحاً مبيناً ومهماً قيل فهي محاولة للقيام بعمرة تحت ولاية نبي الهدى صلوات الله عليه .

(3) وفي السنة السابعة من الهجرة وفي ذى القعدة خرج الرسول صلوات الله عليه ومعه المهاجرون والانصار وتحت ولايته لاداء العمرة وفق صلح الحديبية وجلت قريش عن مكة (منطقة الحرم) سواء وفق شروط الحديبية كما يرى بعض كتاب السير أم أن الامر بسبب عدم رغبتهم برؤية هذه العصابة من المسلمين ولكن الأمر المؤكد ان هذه العمرة تمت بولاية الرسول صلوات الله عليه.

(4) وفي عشر خلون من رمضان سنة 8هـ خرج الرسول صلوات الله عليه لفتح مكة ويلاحظ عدم خروجه في احد الاشهر الحرم وافطر رسول الله عنا ليراه الناس وأمر بالفطر وقال عن قوم تمادوا في الصيام أولئك العصاة وتم فتح مكة لعشر بقين من رمضان سنة 8هـ وطهرت الكعبة من الاصنام او الصور وارتفع آذان بلال رضي الله عنه من على ظهر الكعبة ولم تحدثنا السيرة عن عمرة للرسول صلوات الله عليه في هذا الدخول لمكة .

(5) واذ عاد الرسول صلوات عليه ومن معه من غزوة حنين والطائف وفي الطريق الى مكة أحرم الرسول ومن معه للعمرة من الجعرانة ودخل مكة ومن معه معتمرين وتحت ولايته وبعد أداء العمرة عاد الى المدينة ووصلها لست بقين من ذى القعدة فهذه العمرة الثانية تحت ولايته ايضاً .

(6) وفي عام 9 للهجرة حج ابو بكر رضي الله عنه بالناس بتأمير رسول الله له وأرسل الرسول صلوات الله عليه علي بن أبي طالب كرم الله وجه لابلاغ الناس صدر سورة التوبة نابذا الى كل ذي عهد عهده ومبطلا كل عقد سلف.

(7) وفي السنة العاشرة حج بالناس الرسول صلوات الله عليه وكان جمعا زاخرا بلغ 90 الفاً او 114 الفاً اذ خرج الرسول صلوات الله عليه بعد ان صلى الظهر لست بقين من ذى القعدة وطاف للعمرة والحج طوافاً واحداً ويوم 9 ذي الحجة خطب خطبته الجامعة سمعها الحشد كله وبعد اداء مناسك الحج رحل الى المدينة قبل طلوع شمس يوم الاربعاء الرابع عشر من ذي الحجة فهذه حجة بولاية الرسول صلى الله عليه وسلم .

(8) وسار الراشدون من بعد رسولهم صلوات الله عليه باقامة الحج تحت ولايتهم او ولاية من يولونه وهكذا سار الخلفاء الظلمة من بني امية او بني العباس فالولاية على الحج شرط لصحة الحج وبدون هذه الولاية يبطل الحج .

(9) امام حكم الولاية هذا الواضح والجلي والصارم ومناطق النسك والشعائر (الحرم وعرفات ومزدلفة ومنى) واقعة تحت حكم احفاد مسيلمة الكذاب من آل سعود اذ استولوا عليها بعون الانجليز وأموال الانجليز وسلاح الانجليز ولا زالوا يمتطون الاسلام لهدمه كما سبق ان صرح الملك فهد عندما كان أميراً لمجلة التايم الامريكية قائلاً (( لقد كان أتاتورك عظيما ولكنه أخطأ حين عمد الى الاسلام فهدمه من القمة اما نحن فنهدمه من القاعدة)) .

(10) ذلكم فهد وقد تكشفت اقنعته ومع قناعه سقطت اقنعة كثيرة عن حكام او علماء وشيوخ ضلالة قال تعالى فيمن هو مثلهم وفيهم ايضا ((وجعلناهم أمة يدعون الى النار ويوم القيامة لا ينصرون)) ولا أظن مؤمنا واحدا يخـاف الله ويخشاه يصف آل سعود منذ وجودهم في دولتهم الاولى عام 1157 هـ اي تاريخ تحولها من مشيخة قبيلة آل مانع المريدى الى امامه وهي امامه تهدى الى النار ولهذا هدمتها الدولة العثمانية للمرة الأولى والثانية وأعادها الانجليز للمرة الثالثة.

(11) لقد تحولت هذه الامامة التي تهدي الى النار الى مملكة عربية سعودية ومع طفرة النفط تحولت الى غول مرعب ينشر الضلالات على أنها اسلام وكان موعد أهل الغفلة 2 آب 1990 لتتكشف حقيقة هذا الكيان بأجلى صورة .

(12) وأخيراً ألم ير العالم الاسلامي من المحيط الى المحيط حقيقة هذا الكيان حين قدم الارض والمال والرجال للحلف الاطلسي الهمجي لضرب العراق وقدم الراية الخضراء المكتوب عليها (لا اله الا الله) ليستظل بها مع رايات الكفر الأخرى وخاصة راية الولايات المتحدة شوارس كوف قائد الكافرين والملحدين والمرتدين والمنافقين  .

فهل يقول احد بعد ذلك ان الحج تحت هذه الراية صحيح اللهم لا اللهم فاشهد اللهم لا اللهم فاشهد اللهم لا اللهم فاشهد ؟