جدل فقه المظنة والحيطة وفقه الدليل
موسوعة جدل الأفكار ( 6 )
جدل فقه المظنة والحيطة وفقه الدليل
من خلال النظر في الدليل
أمين نايف ذياب
بسم الله الرحمن الرحيم
تذكير
أيها القارئ الكريم تذكر ما يلي :
* فقه المظنة !
* فقه الحيطة !
* فقه التيسير !
* فقه الدليل !
وإذ غاب عن الأمة وعيها فقه الدليل ، واستقر في وعيها فقه المظنة ، أي بناء الحكم على ظن أنّ هذا العمل حرام ، لارتباطه ذهنياً بواقع قد يتولد عنه محرم .واستقر في ذهنها عن قضايا وأحكام معينة إن هذا أحوط .وعند الصيرورة إلى أحكام فيها تحمل ومشقة ومعاناة ومكابدة رفضوها وقالوا : هذا أيسر ! .وهكذا غاب فقه الدليل والإعلان الجريء عن أمر انه مباح بالدليل غالبا يصطدم بالذاكرة الجماعية للامة إذ تراه جريمة أو كبيرة .
تلك هي المقدمة الضرورية لفهم الدواعي لوجود هذا الكتاب بين يدي المسلمين ، ليتمكن المسلمون من الوعي التام على الأحكام الشرعية مرتبطة بدليلها .
صحافة الإثارة وهذين المقالين
رأت صحافة الإثارة أن تتاجر بمثل هذه الآراء دون الاعتماد على الدليل والبرهان فصحافة الإثارة لا تسعى لبناء الوعي وإنما تسعى للإثارة والإثارة فقط .
هذا نمط لقول نُشر في الصحافة بقصد الإثارة من حديث جانبي لم يكن للنشر ورغم صدق الأحكام وصحتها حين قراءتـها في بنيتها الفكرية إلا أن الإخراج قُصد به الإثارة ولهذا كان الرد عليه .
وقد نُشرا كلاهما في جريدة حوادث الساعة وكان لابد من شرح لفقه المظنة والدليل ليستبين الرشد من الغي وللوقوف أمام دعوات التشدد بلا حق والحريات الداعية للانفلات فالتشدد بلا حق دعوة للانفلات والحق أحق أنْ يتبع.
هذا هوالمقال كما نشرته حوادث الساعة العدد 19
على ذمة شيخ المعتزلة أمين ذياب في أول حوار معهم في الأردن…
* مشاهدة الأفلام الجنسية مباح !
* والنظر إلى عورة غير المسلمة مباح أيضاً !
* أنا لا اصلي الجمعة.. ولا أجيزها إلا بمساجد السلطان !
* لا يوجد في الإسلام شيء اسمه حجاب ..
* ونبيح للمرأة لبس البنطلون .
* زواج المتعة لا يجوز إلا على الأرملة والمطلقة وبإذن ولي أمرها .
شيخ المعتزلة يتحدث لحوادث الساعة..
المعتزلة …. كثيرا ما قرأنا عنهم في كتب التراث الإسلامي، وقد قيل فيهم وعنهم الكثير… وقد فوجئنا بأن في الأردن طائفة منهم ، ما زالوا يحافظون على عقيدتهم التي يقولون أنها صحيحة ويدافعون عنها …
التقينا شيخهم أمين ذياب، لنعرف القارئ العزيز بفكر هؤلاء وننوه أن أفكار أمين تعبر عن وجهة نظره هو وجماعته فماذا قال… لنقرأ معا:
* هل لك يا "سيدنا الشيخ" أن تقدم نبذة تاريخية عن المعتزلة عن ظروف نشأتهم في الاردن ؟
- المعتزلة كاسم وجدت في الفترة ما بين 101-105 هجري عندما كان واصل ابن عطاء يجلس في حلقة للحسن البصري فسأل أحد الجالسين الحسن البصري عن مرتكب الكبيرة فأجابه واصل ابن عطاء وقال: هو في المنزلة بين المنزلتين أي بين الكفر والإيمان، وكانت هذه مسألة خلافية في ذلك الوقت فطلب الحسن البصري من ابن عطاء أن يعتزل مجلسه، فاعتزل واصل ومعه عمرو ابن عبيد وهذا هو الشائع عن بداية المعتزلة رغم أنَّ هذا القول خطأ لأن الحسن البصري هو أصلاً معتزلي يؤمن بالتوحيد والعدل، ولأن المعتزلة كانت دفاعاً عن الأمة من شر حكام الجور وشرحا للعدل ضد الجبر الذي أشاعه معاوية ابن أبي سفيان والذي جعل أساسه أن معاصينا هي بقدر من الله [ كما يدعي لتسويغ مظالمة وعدوانه بالسفهاء من أمة محمد ضد إمام الحق علي بن أبي طالب وكانت هذه النقطة هي الاساس الذي تم تأسيس المعتزلة في الاردن عليه فقد كنت عضواً في حزب التحرير منذ العام 53 حيث تقدمت بسؤال لقيادة الحزب وانا في السجن مفاده: هل ان السجن الواقع على السّجين والاغتصاب الواقع على الفتاة هو قضاء من الله فجاءني الجواب ان الظلم الذي يقع على الافراد من افراد اخرين ولا يملكون دفعه هو قضاء الله فيهم وهي الاجابة التي لم تقنعني لانني انزه الله عن ظلم المظلومين وقد تزايد هذا الخلاف عام 79 فتركت الحزب وفي العام 87 اقتنعت بالفكر المعتزلي وبان الفكر الاسلامي المطروح لن يحدث نهضة وابتداء من العام 90 بدأت بالدعوة لهذا الفكر.
* هل لـ"سيدنا الشيخ" ان يفيدنا ان كانت هناك آلية عمل تنظيمية للمعتزلة؟
- نحن لسنا تنظيماً بحيث نقع تحت طائلة المساءلة القانونية فلا يوجد لنا نظام اداري ولا مالي ولا قوانين للضبط او الربط.
* هل يعني هذا انكم ضد التقدم بطلب رسمي لتشكيل حزب؟
- انشاء حزب لا يفيد سواء اكان هذا الحزب قانونياً او غير قانوني، لان مضاره اكثر من فائدته [ ثبت من مسارات الأحزاب عدم قدرتها على إحداث انقلاب في تفكير الأمة ] .
* اذاً مع من نحن نتحدث يا "سيدنا الشيخ" اذا لم توجد هيكلية تنظيمية للمعتزلة؟
- انا اسمي نفسي شيخ المعتزلة في هذا البلد او المعتزلي الاول او المعتزلي الذي يلجأ اليه في الاسئلة والاجوبة والفهم، وشباب المعتزلة يدركون ذلك إدراكاً موضوعياً فيتعاملون معي كمعتزلي اول وتعاملهم يقوم على اساس الولاء الطبيعي والحقيقي لفكر التوحيد والعدل وهو ليس ولاء قانوني او اداري [ وليس ولاء شخصياً ] .
* اذاً نفهم من اجابة "سيدنا شيخ المعتزلة" ان هناك درجات ومراتب متدرجة في المعتزلة؟
- واقعياً الدرجات موجودة ما بين داعية ونصير وهذا وجود واقعي وليس وجوداً قانونياً.
* اذاً يا "سيدنا المعتزلي الاول" هناك تسلسل تنظيمي
- استطيع القول ان هناك تسلسلاً طبيعياً..
* قياساً على الاوضاع الحالية فهل لشيخ المعتزلة موقف من الاوضاع الحالية خاصة مسألة السلام مع اسرائيل؟
- بالنسبة لنا الكيان اليهودي ذو طبيعة سياسية وضع لمنع الامة الاسلامية من النهضة وجاءت نظرة السياسيين اليه من خلال حالة التردي والسقوط وانه لا يمكن ازالته ضمن الشروط الحالية، وامام هذا اما ان نلجأ إلى المعارضة التافهة التي لا تفيد شيئاً او ان نلجأ إلى اعادة بناء فكر الامة.. وسواء اطال الوقت ام قصر يجب اعادة بناء عقل الامة الاسلامية كمرحلة اولى.
* هل للمعتزلي الاول ان يحدثنا عن المراحل اللاحقة لاعادة بناء عقل الامة الاسلامية حسب الفكر المعتزلي.؟
- يجب ان يتم التغيير والذي يحتاج لامرين: الاول وجود حالة من السخط وهو الامر الموجود حالياً، والثاني وجود جماعة ترشد الناس إلى الدرب الصحيح وهذا يتم عبر وجود دعوة تحدث دوياً بالمجتمع ويجب ان تكون هذه الدعوة ذات افكار جديدة وحيوية.
* وكيف ستحدث دعوة المعتزلة دوياً داخل المجتمع اذا لم تكن تمتلك هيكلاً تنظيمياً خاصاً بها، اسعفنا بالاجابة بالله عليك يا "سيدنا الشيخ"؟
- حركة المعتزلة حديثة في الاردن ، وكانت مرفوضة لاكثر من الف سنة، وحكم عليها بانها ضلالة وبدع، والقائمون على هذه الحركة هم جماعة من المستضعفين ذوي الامكانيات الضعيفة، وسيحدث التغيير من خلال اعادة بناء عقل الامة الاسلامية.
* وما رأي "سيدنا شيخ المعتزلة" بالتعددية السياسية؟
- تعددية التفكير طبيعية فهناك الفكر اليهودي والفكر المسيحي ولكن ايقبل الامريكان ان يقودهم غير الليبراليين الامريكيين؟ والتعددية الفكرية مسموحة شرط ان لا تعتدي على كيان الامة..
* وهل لكم اجتهادات بالقضايا اليومية للمواطن المسلم؟
- في الحقيقة لنا الكثير من الاجتهادات في القضايا الفقهية فعلى سبيل المثال لا الحصر فان المعتزلة يبيحون سماع الاغاني وكذلك العزف بالاضافة إلى اباحتهم لتشذيب اللحى..
* وماذا بالنسبة للحجاب؟
- لا يوجد شيء اسمه الحجاب في الاسلام، هناك الخمار والجلباب ونحن نقول بوجوب اللباس الساتر ونبيح للمرأة ان تلبس "البنطلون" اذا كان ساتراً وضمن اطار حياتها المنـزلية او العملية المهنية، وفي حياة المهنة يجب ان يكون هذا السروال "البنطلون" مستوراً مثل لباس الباكستان..
* وماذا بالنسبة "للفيزون"؟
- الشرط الوحيد للسروال عند ارتدائه في حياة المهنة ان يكون ساتراً.
* وهل هناك قضايا اخرى يرغب "سيدنا شيخ المعتزلة" ان يضيفها؟
- نعم .. هناك قضية حكم النظر إلى عورة الكافرة فهو مباح، ولو كان الامر حراماً لامرها الله بالستر، وهذا ينطبق ايضاً على النظر إلى ظهور هؤلاء السائحات اللواتي يكثرن في عمان فهو مباح لانه ليس واجب عليهن الستر [ من ناحية تطبيقية لا من ناحية التكليف فكل إنسان مكلف بأحكام الشريعة ] .
* وما رأيك بالتصوير؟
- عملية النظر إلى الصورة او نشرها امر مباح ولا شيء فيه، كيف ما كانت هذه الصورة، ولو وجدت دولة اسلامية لما منعت ذلك ، ولكن عملية التصوير هي غير المباحة وهو الامر الذي ينطبق ايضاً على افلام الجنس "السيكسي" فالنظر اليها مباح ولكن يحق للدولة ان تقوم بمنعها ضمن نطاق حكم الرعاية ومن منطلق الحفاظ على ذوق الامة .
* وماذا عن الخمور والكحول؟
- هي محرمة قطعياً
* هل لشيخنا المعتزلي الاول ان يحدثنا عن زواج المتعة لدى المعتزلة؟
- المعتزلة على فروع (70%) منهم أحناف، و(20%) زيدية، و(7%) شيعة امامية و(3%) شافعية، فالمعتزلة الأحناف والزيدية والشافعية يحرمون ذلك. لكن المعتزلة الشيعة يبحيونه لانفسهم ولا استطيع منعهم فهذا اجتهاد لهم، علماً ان زواج المتعة لا يجوز على البكر بل على الارملة والمطلقة وبإذن ولي امرها، هذا تنوع مسموح.
* وهل لكم طقوس خاصة في صلاة الجمعة؟
- أنا لا أصلي الجمعة ولا اجيزها بناء على رأي الاحناف حيث انها لا تجوز الا بمساجد السلطان وبحضوره أو بحضور الوالي في المدن الاخرى..
* من اين يحصل المعتزلة على الدعم المادي؟
- تقصد النفقات كل واحد منا ينفق على نفسه ولا يوجد لنا نظام مالي معين.
* هل يتفضل الشيخ ويحدثنا عن حجم تواجدهم داخل الاردن؟
- لا وجود لاحصاء دقيق في هذا المجال لكن عددنا "منيح" وانا راضي وغير راضٍ عنه.
* هل تتوقع ان يحقق المعتزلة شيئاً على مدى السنوات القادمة؟
- طبعاً، لان الحركة التي لا يظهر اثرها في عشر سنوات محكوم عليها بالاضمحلال.
* شكراً سيدنا الشيخ ولا تواخذنا؟
- شكراً لكم.
المقال التوضيحي كما نشر في حوادث الساعة العدد 20 في 29/11/1994
صحف الاثارة وخيار الفاجعة..... بقلم أمين نايف ذياب المعتزلي
هذا المقال يشكل رداً حول اللقاء التي تم معي ليلة 18/11/1994 والذي نُشر في العدد 19 من حوادث الساعة مع أنني فهمت ممن توسط لوجود هذا اللقاء ان هذا اللقاء للنشر في جريدة شيحان وان موضوع اللقاء انما هو حول المعتزلة في التاريخ والواقع ولم يكن الظن أن المسألة هي كتابة موضوع أثارة يضع العنَّاوين كما شار له الهوى ! ولابد من القول بان المواضيع الفقهية هي للتعليم وليس للإثارة. كانت عناوين اللقاء هكذا (المقصود العناوين المنشورة).
(1) مشاهدة الافلام الجنسية مباح!
(2) النظر إلى عورة غير المسلمة مباح ايضا! وبالمناسبة العورة ليست السوأتين
(3) انا لا اصلي الجمعة ولا اجيزها الا بمساجد السلطان!
(4) لا يوجد في الاسلام شيء اسمه حجاب ونبيح للمرأة لبس البنطلون!
(5) زواج المتعة لا يجوز الا على الارملة والمطلقة وباذن ولي امرها!
رسالتان اشكالية في الغربة
إلى الابن العزيز،
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
أم بعد، فالمأمول منه سبحانه أن تكون بخير وعافية ولئن سألت عنّا فنحن في حفظ الله ورعايته. بلغتني رسالتك تسفسرني عن الحل والحكم الذي يقره الشرع ويرتضيه في الحمل الذي تترقبانه.....الخ، إليك الجواب.
لقد ذكرنا لك في جواب سابق نظر الشريعة إلى هذه الفاحشة وها نحن نزيدك إيضاحاً وتبييناً.
كتابه الكريم فقال سبحانه من المعاصي التي أنكرها الإسلام وشدد الله سبحانه وتعالى فيها الوعيد في محكم فاحشة الزنا (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) (الاسراء:32)
وقرنها في آية أخرى بأكبر الكبائر وأعظم الموبقات التي هي الشرك بالله وقتل النفس فقال:(والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرّم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيمة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وءامن وعمل عملاً صالحاً فاؤلئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً ) سورة الفرقان:68 69 70.
ومن الاحكام المترتبة على مرتكب الزنا هي حرمة نكاح المرأة التي زنا بها ففي حديث للرسول (ص) ( ايما رجل زنا بامرأة ثم تزوجها فهما زانيان أبداً ) وعنه (ص) ( لا نكاح بعد سفاح ).
يقول الاستاذ الشيخ عبد الرحمن بن عمر رحمه الله في كتاب النيل ج2 ص324 ( مسألة المزنية وتحريم نكاحها على من زنا بها مسألة لها خطرها في حياة المجتمع عليها تتوقف الى حد بعيد سلامة الانساب وهي من جهة أخرى حرب للاستقرار العائلي الذي يفيض على الاسرة هناءة وسكينة وسعادة....، والذي جرى عليه أصحابنا سلقهم وخلفهم أن مزنية الرجل يحرم عليه نكاحها تحريماً أبدياً لا معوادة فيه سواء عليهما تابا أم لم يتوبا فقد منعا تناكحهما بما استعجلاه من سفاحهما ..... والحريص محروم ).
أما عن الحمل فالاسلام من قواعده الاساسية حفظ الانساب وصون الكرامة والمحافظة على العفة والطهارة والاحترام المتبادل ( والاسلام عفة وكرامة ونظافة بجميع معانيها ) كتاب النيل ج2 ص 326.
الاسلام يحافظ على بناء الاسر وترابطها ويحدد لذلك حدوداً وحقوقاً لا يجيز تجاوزها وتعديها { ومن يتعد حقوق الله فقد ظلم نفسه } سورة الطلاق، يقول الرسول (ص) عند إختيار شريكة الحياة ( تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس ) والولد إن لم يكن ثمرة زواج شرعي فهو ولد سفاح. يقول الرسول (ص): ( الولد للفراش وللعاهر الحجر ) فهو ابن أمه ولا يلحق بخليلها ولا ينتسب لعائلته لان إلحاقه به يُحدث إختلاطاً في الانساب ويكسبه حقوقاً شرعية هو ليس لها بأهل، كحق الارث والقرابة وما الى ذلك.
وقد سأل سائل الشيخ بيوض رحمه الله: أنه اتخذ خليلة يعاشرها معاشرة الزوجة مدة طويلة وهي ذات زوج أي في عصمة رجل آخر لم يطلقها ولم تعتد منه.... الا أنه نشز عنها أو نشزت عنه فولد منها لخليلها أربعة أولاد وهو اليوم عازم على التوبة و يريد أن يتخلص منها ويأخذ الاولاد الاربعة لانه يعترف بأنهم أولاده ويريد أهل المرأة منه أن يتزوجها بعد أن طلبوا من زوجها الحقيقي أن يطلقها فهل يسوغ له هذا؟
جواب الشيخ بيوض رحمه الله : (مختصراً)
{... فالواجب على الذي يريد التوبة أن يفارقها الى الابد ولا يحل له أن يتزوجها ولو بعد أن يطلقها زوجها وليجعل بينه وبينها البحر الاخضر كما ورد في الاثر }.
{ وأما الاولاد الذين قلت أنه يعترف بأنهم أولاده فهذا زعم باطل وقول هراء لا سند له في الشريعة الاسلامية فإنهم أولاد زنى يلحقون في الشرع بنسب زوج أمهم. الا أن وقع بين الزوجين تلاعن كما ذكره الله سبحانه في سورة النور فينسبون بعد لأمهم. وأما خليل أمهم فإن له الحجر فإنه عاهر وفي الحديث الصحيح (الولد للفراش وللعاهر الحجر) فحرام عليه أن ينسبهم الى نفسه وأن يدخلهم في نسب آبائه وأجداده فإنهم ليسوا من سلالتهم شرعاً وفي الحديث ( ملعون من ادعى لغير أبيه أو تولى غير مواليه ) ولا أدري معنى قولك ( يعترف بأنهم أولاده) هل المراد أنه سجلهم في سجل الولادات بالبلدية التي ولدوا فيها بإسمه ونسبه أم ماذا ؟ فإن كان فعل ذلك فإنّ عليه وجوباً أن يسجل رسمياً في محكمة شرعية ينفي فيه نسبهم اليه حتى لا تختلط الانساب وتقسم المواريث، وتقع الانكحة والانكشاف بناءً على هذا النسب الزائف. وفي هذا من الخطر الكبير بهتك حرمة الشريعة ما فيه......}
فتاوى الامام الشيخ بيوض ج2 ص 375
أظن بعد إستعراضاً فيما سبق لما أفتى به المشايخ رحمهم الله فيه الكفاية، فما عليك إلا أن تقطع كل صلة وعلاقة بينك وبين هذه الفتاة. لقد أخطأت في المرة الاولى في إتصالك بها ثم إرتكبت خطأ ثانياً حين عقدت عليها عقداً شرعياً وتزوجتهامع أنها تحرم عليك ولا تحل لك أبداً. وها أنت تريد أن ترتكب خطأً ثالثاً وهو نظرتك لهذا الجنين واعتبارك إياه بأنه ولد لك. إنه ولد سفاح وليس ولد نكاح ولذا فهو يلحق بأمه ولا يحق لك أن تنسبه اليك.
ولو استفسرت مسبقاً لما وقعت في هذه الاخطاء فتوقف حيث أنت وتب الى الله واستغفره عسى الله أن يتوب عليك ويغفر لك إن علم منك صدق الانابة واخلاص التوبة إنه هو الغفور الرحيم.
ملحق : بعد أن كتبنا اليك بهذه الرسالة جاءنا الخبر بأن الجنين قد وُلد وأنها بنت وأنك سجلتها بإسمك وألحقتها بلقبك فبادر وأسرع الى اتخاذ جميع الاجراءات للتنصل منها ونفيها عنك والحاقها بأمها وتسجيلها لها بناء على ما أفتى به مشائخنا رحمهم الله.
أخيراً تقبل تحياتنا وسلامنا وكل أفراد العائلة.
14/08/1989
بسم الله الرحمن الرحيم
16/09/1989 م
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين
أخي العزيز.... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نرجو من العلي القدير أن تصلكم هذه الرسالة وأنتم بخير ورضى من الله أكتب لكم هذه الرسالة من أجل الاستفسار عن مسألة فقهية تخص أحد الطلاب الجزائريين هنا وهو حول موضوع الزواج، واطّلعنا على هذا الموضوع في بعض الكتب الفقهية هنا (المحلى، نيل الاوطار، سورة النور) ورأينا الحكم الشرعي واضحاً تقريباً. ولكن والد هذا الشاب كتب له إجابة مختلفة عن الذي وجدناه وذلك ربما لانهم يتبعون ( المذهب الاباضي ) والجواب الذي أرسله والده مع الادلة سوف نرفقه لكم مع هذه الرسالة حتى تتطلعوا على هذه الادلة وتنقدوها هذا الموضوع مهم جداً بالنسبة للشاب وهو ينتظر الاجابة حتى يستطيع أن يقنع أهله بالادلة الشرعية . وندعو الله أن يجزيكم كل خير وبارك الله فيكم.
والموضوع كالآتي كما طرقه الجزائري:
{ أنا شاب جزائري طالب في زغرب أريد عندكم الاستفسار في موضوع: تعرفت على فتاة يوغسلافية (مسيحية) ووقعت في فاحشة الزنا. فحملت الفتاة مني. وبعد مرور خمسة أشهر على الحمل قررت الزواج بها على سنة الله ورسوله في مسجد زغرب وذلك حرصاً على مصير الجنين وبعد ذلك اتصلت بالاهل في الجزائر وأخبرتهم بما جرى وذلك بكل صراحة.
وأخبركم بأننا من سكان منطقة في الجزائر في الجنوب (وادي مزاب) الذين يتبعون المذهب الاباضي. وعلى هذا الاساس جاء في الجواب الذي أطرحه بين أيديكم راجياً منكم أن تفيدونا بمعلومات ورأي الشرع في هذا الموضوع، بشكل خاص مصير هذا الزواج وحكم الشرع فيه وكذا في مصير المولود الذي وُلد من بعد ونسبته إليّ.
وبعد أن تقرأوا الجواب الذي أرسله والدي تجدوهم استدلوا بأحاديث يهمني مدى صحتها مثلاً يقولون قال (ص) : (لا نكاح بعد سفاح) واطلعت في كتاب تفسير سورة النور للمؤلفين ( الدكتور محمد علي الحسن وعبد الرحيم فارس أبو علبة) اللذان يوردان عن أبي بكر وعمر وابن العباس أنه يجوز الزواج بالزانية ودليلهم حديث عائشة أن الرسول (ص):{ سئل عن رجل زنى بامرأة واراد أن يتزوجها فقال: أوله سفاح وآخره نكاح والحرام لا يحرم الحلال} أخرجه الطبراني والدار قطني ص33.
أرجو منكم الجواب في أقرب وقت لان أهلي ينتظرون مني أن أطبق ما أمروني به هو أن أترك الزوجة والبنت ولكم جزيل الشكر وبارك الله فيكم }.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ملاحظة : أرجو منكم أن تفيدونا بالمصادر
قبل الاجابة على السؤال لا بد من القول : أن الحكم الشرعي لمن لا يعرفه يطلب من رجل على قيد الحياة ، يمارس الاجتهاد ، ويحرم بكل الاحوال أخذ الحكم الشرعي من مدونات الموتى أو الاحياء ، وذلك للاسباب التالية
1. لكل مشكلة مناط يختلف عن مناط المشكلة الاخرى ، والمناط معتبر كل الاعتبار في معرفة الحكم الشرعي للمشكلة .
2. القول بأن الحكم الشرعي في هذه المشكلة هو كذا أو كذا هو تحمل والتحمل لا يكون لذمة ميتة (مدونات الموتى) أو لاوراق كتبها أحد الاحياء لكون مثل هذه الكتابة لا تعد إجتهاداً في عين المسألة وإنما هو مجرد كتاب يحوي مقولة دون مناط معين .
3. إنَّ الشارع أحال مثل هذه المشاكل الواقعية الى سؤال الاحياء أصحاب الاجتهاد لقوله تعالى :{ فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ }(النحل: من الآية43) .
4. ليس معنى ذلك إهمال أمر المدونات إهمالاً تاماً فالمجتهد لا يمكن أن يجتهد بدون قراءة لهذه المدونات فهي ضرورة للمجتهد وللمتعلم ولعامة الناس لمعرفة الحلال والحرام على وجه الاجمال .
5. إن المدونات ليست اجتهاداً بنازلة معينة وإنما هي مدونات للافكار والاحكام الاسلامية بشكل عام .
6. إن بيان حكم الشرع في نازلة معينة يماثل القضاء من ضرورة معرفة واقع النازلة ويخالف القضاء بأنه لا حاجة لمجلس قضاء وإنما بمعرفة النازلة تماماً خلال رسالة أو مشافهة.
لـهذه الاسباب فالعجب لكل من يمارس إعطاء الحكم الشرعي في نازلة معينة لها ظروفها بالرجوع الى المدونات سواء أكانت هذه المدونات للأئمة أو لكبار العلماء أو لغيرهم فكيف يجعل ذمتهم ذات وجود بعد موتهم. فالاجتهاد والقضاء والافتاء وأمامة الحكم كلها تحتاج الى ذمة متحملة أي لا تزال على قيد الحياة.
الســــــــؤال
وتمهيداً لا بد من بيان الادلة المعتبرة وكيفية الاستدلال بهذه الادلة لتكون الاجابة مستوفية تمام الشروط وليكون السائل على علم بالاسس التي قامت عليها الاجابة.
إن الادلة المعتبرة لقضايا زيادة التكليف هي الكتاب والسنة الثابتة وإجماع الصحابة حين يظهر أنه يكشف عن دليل من السنة والقياس الشرعي من مجتهد يعود بقياسه الى الكتاب والسنة الثابتة .
اللغة العربية هي الطريق الوحيد للكشف عن دلالة النص أما المدونات فهي نقط لتوسيع أفق الرؤية والمقصود بالمدونات مدونات الفقه مع ملاحظة أحكام الوضع بنفس أهمية أحكام التكليف فلا فرق مطلقاً حين الاعتبار بالشرط أو الامر فأحكام الوضع مثل أحكام التكليف من ناحية شرعية.
والاستدلال كما يكون بالمنطوق يكون بالمفهوم وبسائر الدلالات الاخرى المعتبرة كدلالة الاشارة والالتزام والاقتضاء ولا قيمة للمآل مطلقاً لانه متعلق بالفعل الفردي المحكوم بمميزاته الخاصة من هوى وملكه.
هذا هو بيان لطريقة الاجتهاد على وجه الاختصار الشديد أي بيان كيفية استخراج الحكم الشرعي حتى تكون الناس على بينة من أمرهم حين اتباع الحكم الشرعي كما حدث فيه الاجتهاد ويتبع اتباعاً لا تقليداً أو يعمل بغيره.
إن اللغة العربية تفرق بين كلمات الزنى، العهر، البغي السفاح وعدم التفريق أدّى الى الاختلاط عند الفقهاء لنظرتهم الى هذه الكلمات الثلاث كمترادفات للجماع الحرام مع أن هذه الكلمات في حقيقتها هي درجات للجماع الحرام ولا يجوز أن تحل كلمة مكان الاخرى في الاستعمال اللغوي.
لقد استعمل القرآن كلمات متعلقة بالجماع الحرام هي : ( الزنى ، البغي ، السفاح ، الفاحشة ،الاستمتاع ) واستعملت السنة الثابتة ـ عند الجميع ـ كلمة العهر ، وها هو شرحها باختصار بعد قراءة لمعانيها كما هي في لسان العرب وتتبع لاستعمال القرآن الكريم لهذه الكلمات :
الزنى : الجماع الحرام بين بكرين ويطلق على مرتكب ذلك من الرجال زاني وعن المرأة زانية .
البغيّ : هي المرأة التي تقدم نفسها لطالب الجماع الحرام فهي امرأة مشهورة بذلك وهي ليست صاحبة فراش في حالتها الراهنة ولا يطلق الا على المرأة.
العاهر: المرأة أو الرجل من أهل الاحصان يمارس الواحد منهما الجماع الحرام سراً ممارسة فيها استمرار ويطلق على الرجل المحصن الممارس لذلك العمل .
السفاح : لا يطلق لفظ المسافحة الا على فعل الرجل والمرأة المحصنين حين يقومان بسفح الشهوة في حرام سواء أكان لمرة واحدة أو أكثر أو المرأة البغي .
الفاحشة : الفحش في الاصل مجاوزة الحد واستعملت في القبيح من الاقوال والافعال وأحد اسعمالاتها الجماع الحرام سواء أكان زنى أو عهر أو بغاء لوجود معنى القبح فيها.
الاستمتاع : تلذذ الرجل بالمرأة أو المرأة بالرجل بأي وجه من وجوه التلذذ فيكون بالنظر واللمس والشم والضم والتقبيل والحديث أي ما دون الجماع وهو حرام إلا لزوجته ولكنه لا يكون فاحشة.
هذا هو تحديد هذه المعاني ومن هنا يمكن فهم النصوص المتعلقة بذلك وإرجاع كل نص الى المعنى اللائق به.
أولاً الزاني والزانية ليسا أصحاب فراش وليسا من أهل السفاح وإنما هما أهل فاحشة الزنى فقط ولذلك لا توقع عليهما إلا أحكام الجلد مائة جلدة في ظل دولة الاسلام ولهما الزواج بعد الزنى سواء أكانت الزانية حبلى أو لم تحبل والولد لابيه الزاني ونص الولد للفراش لا علاقة له بهما اذ أن الزانية ليست صاحبة فراش وهذا معنى مفهوم المخالفة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:الولد للفراش ولا أدري كيف حمل الشيوخ لفظ الولد للفراش على الزانية والزاني مع وضوح المعنى وظهوره أنها متزوجة ولها زوج هو المكنى عنه بالفراش ولاختلاط المعاني عند العلماء السابقين تخالفت أقوالهما فمنهم من ركّز على تشديد المنع وهم الاباضية والاحناف والترمذي من أهل الحديث وربما هناك غيرهم من يقول بقولهم ولا بد من الاطلاع على رأيهم.
جاء في تفسير القرطبي جزء 12 ص169 ما نصه:{ وأهل الفتيا يقولون أن من زنى بامرأة فله أن يتزوجها ولغيره أن يتزوجها.وهو قول ابن عمر وسالم وجابر بن زيد وعطاء وطاووس ومالك بن أنس وهو قول أبو حنيفة وأصحابه }.
وهكذا يتبين شدة الاضطراب بالمقولات بحيث ينقل أمران متناقضان عن جابر بن زيد وأبو حنيفة وأصحابه كل هذا الاضطراب بسبب عدم تحديد المعاني.
حمل أحاديث البغي أم مهزول وعناق على الزانية أو العاهرة لا يجوز وإنما البغي امرأة ليست صاحبة فراش تمارس الجماع الحرام ومشهورة به دون قيام البينة الشرعية عليها أو دون تمكن الامام من اثبات البينة لقيام الحد عليها لكونها في بلد ليست تحت سيادته وهذه يحرم الزواج منها حتى تظهر التوبة والاصلاح ولانها تمارس الجماع الحرام من أكثر من رجل فولدها لها ولا يلحق بأحد من ممارسي الجماع الحرام معها.
* إن آية ) الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ( (النور: 3)
إن ما يتبادر الى الذهن أن الآية نص بحرمة نكاح الزاني من غير الزانية أو مشركة وحرمة نكاح الزانية من غير زان أو مشرك وحرام مثل هذا النكاح (الزواج) للمؤمنين وبالتالي يخرج الزاني والزانية من لفظ المؤمنين والحقيقة أن الذهاب لهذا المعنى في غاية الاضطراب اذ هو ذهاب الى أمر يأمر الله به ثم يحرمه ويشتد بالحرمة حتى يخرجه من زمرة المؤمنين .
إن الآية نص بتغليظ الزنى أي لا يمكن للزاني أن يصير زاني الا بموافقة زانية أو مشركة لان مثل هذا العمل يحتاج الى إرادة أخرى توافقه وقدم الزاني لان طلب الزنى عادة يكون من الرجل والزانية لا يمكنها أن تقوم بالزنى الا مع زان مثلها أو مشرك وورد أسم المشرك والمشركة.
مسرد الآيات القرآنية بخصوص العورات والنظر
{قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم (ذلك أزكى لهم) (إن الله خبير بما تصنعون) * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فُرُوجهن ولا يُبدين زينتهن (إلا ما ظهر منها) وليضربن بخُمُرهن على جيوبهن (ولا يبدين زينتهن) (إلاّ لبعولتهن أو آبأوهن أو أباء بعولتهن أو أبنأوهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسأوهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الاربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا عورات النساء) ولا يضربن بأرجلهن (ليُعلم ما يخفين من زينتهن) وتوبوا إلى الله جميعاً ايه المؤمنون لعلكم تفلحون *} الآيتان 30-31 من سورة النور.
{(يا أيها الذين آمنوا) ليستئذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحُلُم منكم ثلاث مرات (من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جُناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم * وإذا بلغ الأطفال منكم الحُلُم فليستئذنوا كما استئذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم * والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جُناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خيرٌ لهن والله سميع عليم * ليس على الأعمى حَرجٌ ولا على الأعرج حَرجٌ ولا على المريض حَرجٌ ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت أبأوكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جُناح أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتاً فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون *} الآيات 58/59/60/61 من سورة النور.
{يا ايها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً *} آية 59 الاحزاب.
* الأوامر التي تحويها هذه الآيات 30-31 من سورة النور
(1) غض من البصر والخطاب للمؤمنين والمغضوض غير مذكور أي في القسم من هذه الآية ايجاز حذف.
(2) مطلوب حفظ الفروج من المؤمنين والمحفوظ عنه الفروج غير مذكور أي في هذا القسم ايجاز حذف.
(3) الطلب من المؤمنات غض من ابصارهن دون ذكر المغضوض عنه.
(4) الطلب منهن حفظ الفروج دون ذكر المحفوظ عنه الفروج.
(5) عدم ابداء الزينة والسؤال هل هي ذات الزينة من دَملج أو اسوره أو قرط أو خلخال؟ ام هي مواضعها.
(6) الاستثناء من الزينة ما ظهر منها دون ذكر تفصيلي لمواضع الزينة المستثنية.
(7) الضرب بالخمار على الجيب.
(8) عدم ابداء الزينة واستثناء التالية من هذا الحكم : 1- الزوج 2- الاب 3- والد الزوج 4- الابناء 5- ابناء الزوج 6- الاخوة 7- ابناء الاخوة 8- ابناء الاخوات 9- نسأوهن 10- ملك يمين المرأة 11- الرجال التابعين غير أولي الأربة 12- الاطفال قبل التمييز والشهوة .
(9) عدم الضرب بالرِجل قاصدة لفت نظر الرجال للخفي من الزينة
* المفاهيم والأوامر التي تحويها الآيات 58/59/60/61 من سورة النور
(1) الاستئذان المقدم من أ) ملك اليمين ب) الذين لم يبلغوا الحلم.
(2) الاستئذان 3 مرات أ) من قبل صلاة الفجر ب) حين وضع الثياب في الظهيرة جـ) بعد صلاة العشاء.
(3) لا جناح بالطواف من قبل الفئتين السابقتين في غير هذه الأوقات الثلاثة.
(4) الاستئذان حين بلوغ الاطفال الحلم.
(5) القواعد من النساء وهن اللواتي لا يرجون نكاحا لهن حق وضع الثياب غير متبرجات.
(6) لا حرج على أ) الاعمى ب) الاعرج جـ) المريض د) انفسكم.
(7) رفع الحرج عن الاكل من بيوت أ) بيت الشخص نفسه ب) بيت ابيه جـ) بيت امه د) بيت اخيه هـ) بيت اخته و) بيت العم ز) بيت العمة ح) بيت الخال ط) بيت الخالة ي) ما ملكتم مفاتحه ك) بيت الصديق.
(8) جواز الاكل جميعاً أو اشتاتاً.
(9) لابد من السلام حين الدخول على البيوت.
* المفاهيم والأوامر التي تحويها الآية 59 الاحزاب
(1) ازواج الرسول وبناته ونساء المؤمنين مأمورات بادناء الجلباب
جميع ما سبق هي منطوق الآيات، ما هي مفاهيم الآيات فمثلاً هناك أمر بالغض من البصر للمؤمنين والمؤمنات وامر بحفظ الفرج للمؤمنين والمؤمنات اما ما هو المغضوض عنه فهو غير مذكور وما هو المحفوظ الفروج عنه فهو غير مذكور وهل الغض من البصر هو غض البصر أو غض بعض البصر وهل ابداء الزينة ام هي مواضعها وما هو عديد معنى المستثنى الا ما ظهر منها واين هذا الاستثناء وجذب الخمار على الجيب فالآيات وهي خطاب الله وهو اعلى انواع الخطاب يحتاج في فهمه إلى ادراك ومعرفة ايجاز الحذف من خلال القراءة الواعية المتدبرة .
بسم الله الرحمن الرحيم
الصراع بين فقه المظنة والحيطة وفقه الدليل
يُعرُّف الفقه من حيث المصطلح لا من حيثُ اللغة بانه علمٌ بالمسائل الشرعية العملية المستنبطة من ادلتها التفصيلية فالفقه اذن هو : 1- مسائل شرعية عملية 2- مستنبطة 3- من الادلة التفصيلية وهذا يقتضي : (1) وجود من قام بعملية الاستنباط (2) تعيين الادلة المعتبرة (3) تأصيل اصول هي معالم تحكم المستنبط اثناء عملية الاستنباط وهذا يسمى حال المجتهد وطريقته في الاستدلال من الدليل.
الاستنباط من نَبَطَ ينبِط أو ينبُط (أي بكسر عين الفعل أو ضمها) نبطاً ونُبوطاً، ونبطنا الماء أي استنبطناه وانتهينا اليه. واستنبطه واستنبط منه علماً وخيراً ومالا: استخرجه. والاستنباط: الاستخراج. واستنبط الفقيه اذا استخرج الفقه الباطن باجتهاده وفهمه. قال الله عزّ وجلّ: {لعلمه الذين يستنبطونه منهم}. قال الزجّاج : معنى يستنبطونه في اللغة يستخرجونه، واصلة من النَّبَطِ، وهو الماء الذي يُستخرج من البئر أولَ ما تُحفر.
والفقه الباطن : هو الفقه الذي يحتويه الدليل ولا يدل عليه دلالة ظاهرة وبصورة أُخرى هو استخراج فهم من الدليل من خلال معاني الدليل وليس من خلال منطوقه، وهذا الاستخراج هو الذي جعل الفقه الاسلامي فقها غنيا معطاءً في محل القدرة على اعطاء حلول لمشاكل الحياة مهما تنوعت ومهما تباينت ومهما تعقدت وكيف اختلفت بسبب من الانسان والزمان والمكان.
ان الفقه يتعامل مع القضايا العملية الانسانية ولهذا فهو يتعامل مع الانسان وهو في حالة حركته في الحياة فالفقه يتعامل مع احكام الاشياء واحكام التكليف واحكام الوضع.
إن الاحكام المتعلقة بالاشياء من حيثُ هي اشياء هما كلمات فقط الحل والحرمة فالاشياء اما حلال في ذاتها أي وصف لها من حيث هي ذات أو حرام من حيث هي ذات والقاعدة الشرعية "الاصل في الاشياء الحل ولا تنتقل إلى الحرمة الاّ بدليل خاص"، مؤسسة على هذا الحد والتعريف.
اما الافعال واذ هي محل التكليف فالاصل فيها معرفة حكمها واتخاذ موقف بناء على الحكم والاحكام المتعلقة بالافعال هي خمسة لا غير:
(1) الواجب أو الحسن: وهو كل فعل اذا لم يفعله القادر عليه استحق الذم على بعض الوجوه.
(2) الحرام أو القبيح أو المحظور أو الممنوع: كل فعل اذا فعله القادر عليه استحق الذم على بعض الوجوه.
(3) المباح: كل فعل مرفوع عنه الحرج في فعله أو تركه.
(4) المندوب: ما ترجح فعله على تركه لصفة هو عليها أو السبب خارج عنه.
(5) المكروه: ما ترجح تركه على فعله لصفة هو عليها أو السبب خارج عنه.
تلك هي الاحكام المتعلقة بافعال الانسان من حيث هو انسان اما من هو الحاكم الذي يحكم على هذه الافعال فهو اما العقل لادراكه صفة بالحسن أو القبح في الفعل. أو الشريعة لزيادة كلفة مقابل العوض الذي هو الثواب.
وهذه الاحكام لا تتحرك، ولا تجري الحركة فيها، وخاصة احكام زيادة التكليف بدون امور يتوقف عليها تحقق الحكم أو يتوقف عليها اكماله أي هناك احكام وضعت لابَّد منها للقيام بالحكم قياماً صحيحاً هذه الاحكام هي احكام الوضع هي :
(1) السبب : وهو كل وصف ظاهر منضبط حقيقته انه مُعّرف لوجود الحكم لا لتشريعه.
(2) الشرط : ما كان وصفاً مكملاً لمشروطه فيما اقتضاه ذلك المشروط أو فيما اقتضاه الحكم في ذلك المشروط وتأثيره انه ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود.
(3) المانع : وهو كل وصف منضبط دل الدليل على ان وجوده اقتضى علة تنافي علة الشيء الذي منعه ويترتب عليه ان وجوده يؤدي إلى العدم وعدمه يؤدي إلى الوجود أي هو من موانع العمل.
(4) الصحة : وهي شروط في ذات العمل يترتب عليها وجود اثار العمل في الدنيا أو في الآخرة.
(5) البطلان : عدم ترتب اثار العمل في الدنيا ويترتب عليه العقاب في الآخرة.
(6) الفساد : وصف غير مخل بأصل الفعل ولهذا يمكن اجراء تصحيحه.
(7) العزيمة : ما يلزم الناس فعله على الفور أو التراخي.
(8) الرخصة : ما كان تخفيفا عن الناس في فعل العزيمة لعذر مع بقاء حكم العزيمة ولا يلزم الناس العمل به.
(9) العلة : ليست العلة بحثاً من ابحاث احكام الوضع بل من ابحاث احكام التكليف ولكونها تختلط بالسبب اذ هي وصف ظاهر منضبط دل الدليل على انها الباعث على التشريع ولهذا فالعلة تدور مع المعلول بقاءً وعدماً وتختلف عن السبب بان السبب معرف لوجود الحكم وهي معرفةٌ لتشريعه والاصل في العلة الاضطرار.
ما سبق هي معرفة ضرورية للفقيه ليمارس الفقه اجتهاداً ابتدأوياً في مسألة حادثة لم تكن أو ترجيح فهم عن فهم حين تتعدد الافهام في مقولات الفقهاء وبدون هذه الارضية تجري الامور بلا أعنة فتسير وفق الهوى والميل.
يقتضي فقه المسألة وجود ثلاثة امور سواء كانت هذه المسألة ابتدأوية أي حادثة لم تكن فكانت ويراد معرفة كلمها أو انها مسألة اختلفت فيها الاقوال ويراد الترجيح فيها.
الامر الأول : دراسة الواقع المراد معرفة الحكم فيه دراسة اجتهاد وتمييز الواقع عما يشبهه أو يماثله تمييزاً واضحاً مثل تمييز الاقدام على الموت في المعركة عن الانتحار.
الامر الثاني : استحضار الادلة المتعلقة بهذا الواقع استحضاراً تاماً وكاملاً ودراسة الادلة دراسة اجتهاد.
الامر الثالث : تطبيق الحكم على الواقع بحيث ينطبق عليه انطباقاً تاماً لا انطباق مماثله أو مشابهه. فما انطبق عليه كان حكمه، وما لم ينطبق ليس هو حكمه.
إن الاحكام الشرعية العملية كما هي احكام متعلقة بالافراد فهي متعلقة بالمجتمع ومتعلقة بولي الامر من جهة ثالثة وهي احكام تتداخل وتتقاطع ولا يمكن معرفة الصورة التي عليها الناس من خلال الافراد فقط بل هي صورة مركبة ولا يمكن ان يكون الافراد على مستوً واحد من الالتزام بل العادة ان يظهر التباين واضحاً والالتزام عند الفرد الواحد متغيراً.
ان مكونات الفرد الصالح هي في ايمانه وعباداته واخلاقه ومعاملاته ومواقفه تجاه الاشياء ومثل هذا الفرد الصالح يمكن ان يكون ويعيش في مجتمع من اشد المجتمعات فساداً وانحلالاً ولا يتأثر بالفساد والانحلال من حوله ولا يتأتى له ذلك من اتخاذه فقه المظنة والحيطة اساساً لحياته بل من اتخاذه ايمانه الراسخ في الالوهية من حيث التوحيد والعدل وفي ايمانه بالنبوات والشرأوع وفي ايمانه بالبعث والجزاء تلك هي اسس وجود الفرد الصالح من حيث هو فرد وتكوين ملكة الاستعلاء في اختياراته.
لقد تسرب للفكر الاسلامي فكر ميت هو فكر الانسان الورع وهو انسان ايمانه خداج وعباداته اشكال وحركات واخلاقه المنافع ومعاملاته مصالحه الذاتية الفردية ومواقفه تجاه الاشياء مواقف منطلقةً من غرأوزه وحاجاته العضوية تتحكم به غريزة التدين فيتعبد وتهيجه غريزة الجنس فينفعل وهو عرضه للسقوط لمجرد رؤيته صورة امرأة وتتحرك به غريزة الجنس لرؤيته حمارٌ فوق أتان يموء كما تموء القطط في شباط ان رأى ثوب امرأة اما اذا رأى امرأة تلبس ثوباً قصيراً يكشف ما فوق الركبة فهي الكارثة!.
من مثل هذا النمط انطلق فقه المظنة والحيطة ففهمت النصوص على غير المعنى الذي تحويه وكذب على الرسول محمد صلوات الله عليه بوضع الاحاديث التي تخدم فقه الحيطة والوقاية والمظنة في خصوص غريزة الجنس ووضعت الاساطير حول مواقف ورع للاحبار والرهبان والعلماء.
لكن ما هو الموقف من غريزة حب البقاء تلك الغريزة التي يشترك فيها الانسان مع الاسماك والحيتان والافاعي والزواحف والطيور والانعام والوحوش وذوات المخالب من الطيور واذا كانت مظاهرها في الحيوانات متعلقة بالمأكل فانها عند الانسان ذات مظاهر عدة اهمها ما يلي وهي اكثرها اهمية
(1) حب التملك وهي اساس التوزيع الاقتصادي الظالم.
(2) حب السيادة وهي اساس الظلم السياسي.
إن فقه المظنة والحيطة والوقاية لم يجعل لهذين المظهرين ما من شأنه الاستعلاء بهما بل اطلق لها العنان فالتكاثر جأوز شرعاً وحصة الفقراء والمساكين والايتام والمرضى وابناء السبيل وفي سبيل الله والغارمين واصحاب العاهات والرقاب وغيرهم هي 2/1 2% من العروض الخمسة اذا بلغت النصاب وبلغ عليها الحول وغالباً ما يؤدي هذا الحق احياناً من عروض التجارة الكاسدة وفي سبيل حب السيادة يهون الالتواء والكذب وشراء الضمأور (شراء الاصوات) والرشوة والمراء لمن بيده الأمر والتفلت من الالتزام في صور مختلفة وكل هذه الالتواءات لا تلفت نظر القأومين على فقه المظنة والحيطة وتركيزه في الامة وحتى يفهم الامر بشكل دقيق لابد من قراءة لعنأوين صدرت في احد الجرأود الاسبوعية ورصد كيف تحرك اهل المظنة ضدها واقتراح عنأوين اخرى مقابلاً لها والسؤال هل سيتحرك اصحاب فقه المظنة نفس الحركة؟ ام أن الامر لا يعنيهم؟
(1) العنأوين التي صدرت في الجريدة
أ. مشاهدة الافلام الجنسية مباح.
ب. النظر إلى عورة غير المسلمة مباح.
جـ. انا لا اصلي الجمعة ولا اجيزها الا بمساجد السلطان.
د. لا يوجد في الاسلام شيء اسمه حجاب ونبيح للمرأة لبس البنطلون.
هـ. زواج المتعة لا يجوز الا على الارملة والمطلقة وبأذن ولي امرها
وهذه هي العناوين المقترحة على افتراض امكانية نشرها في جريدة
(أ) الاسلام اجاز الاستعانة بالكفار ضد المسلمين!
(ب) الاسلام اجاز بل فرض السكوت عن الحاكم الظالم!
(جـ) الاسلام لم يُحرم الصلح مع اسرأويل!
(د) الاسلام اجاز اخذ النظام الديموقراطي الليبرالي!
(هـ) الاسلام اجاز قيام كيانات متعددة على اساس قطري!
اية عنأوين تهز مشاعر اصحاب فقه المظنة والحيطة؟ المجموعة الأولى ام المجموعة الثانية؟ سؤال مطروح للاجابة عليه فلماذا يهتز المسلمون من العناوين الأولى؟ ولا يكترثون للثانية؟ فمن هي المجموعة الأوضح حرمة والاكثر تأثيراً على مستقبل المسلمين والاسلام؟!
حتى لا يبقى مستقبل المسلمين مرهون بفقهاء المظنة يهلكون انفسهم والامة في الضياع فالامة من المحيط إلى المحيط فيها الكثيرون الذين يون افلام الجنس وخاصة دول الخليج كما هو معروف ومَعلوم ورغم ان علماء دول الخليج وخاصة السعودية هي الاكثر ظهوراً في نشر فقه المظنة الا ان رحلاتهم طلباً للزنا معروفة اما رؤية ما دون افلام الجنس من صور في التلفاز للمذيعات ولغيرهن في فيما يبث تلفازياً من رياضة الجمباز والسباحة والافلام وحفلات الغناء والرقص والتمثيلات في كل العالم الاسلامي فهو الشهرة بحيث لا يخفى فلماذا لم يستطيع فقه المظنة ان يمنع المسلمين من رؤية ذلك؟ حتى أن الناطقين بفقه المظنة ودعاته يقولون باننا نرى ذلك ونعلمه حراماً ونفعله ويقولونه دون حياءً أو خجل كانهم لم يقرأوا في كتاب الله {يا ايها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كَبر مقتاً عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون * } آية 2و3 من سورة الصف.
لا بد من مواجهة صريحة مع الاسلامويين بعد ان ظهر منهم انهم يعملون ضد الاسلام ونهضة المسلمين بقصد أو بدون قصد وذكر توجهاتهم وبيان الخطأ فيها .
(1) ليس لديهم طريقة تفكير صحيحة منتجة على اساس الاسلام اذ الاساس الذي اقاموا عليه فكرهم الاسلامي هو مسلمات تراثية اعتمدت ايمان الفطرة فوقعوا في التشبيه والجبر فاستسلمت الامة للفكر السطحي في ايمانهم وفي القدرية الغيبية في افعالها ومواجهتهم في هذا الانحراف تتم عبر مناقشتهم في الواجب الاول أي النظر واقامة التوحيد والعدل الركيزة الاساسية.
(2) لم يتعاملوا مع النص وفق منهج قويم لفهمه فتحول النص من كتاب هداية وارشاد إلى نص تابع للهوى المتركز في نفوسهم ذلك انهم يقرأون النص لا لفهمه بل للتفتيش عما يؤيد ما توصلوا اليه بواسطة معلمهم او شيخهم ولهذا فالنص ليس مرجعية للمعرفة بل النص مجرد شاهد لمعرفتهم المتستطحة من جهة والمنفعلة بقضايا غريزة الجنس دون غيرها من الغرائز.
(3) لم يتعاملوا مع الامة بكل ما هي عليه من بر أو فجور فالمسألة عندهم ايجاد زمره فقط وليس ايجاد امة فاعلة وتلك الزمره هي نمط شكلي يخافون عليه من رؤية كلسون امرأة! ولا يخافون عليه من النظام العالمي الجديد المتسلط على مقدرات الامة الاسلامية من المحيط إلى المحيط!
(4) للحفاظ على زمرهم تفننوا في فقه المظنة والحيطة بديلاً عن فقه الدليل ولهذا لا تعجب ان قال واحد منهم أن للصورة عورة وان آيتي النور الامره بالغض من البصر هي نهي عن رؤية صورة المرأة المبتذلة وهل هي نهي عن رؤية فروج الحيوانات؟ الجواب مطلوب منهم.
(5) لقد شكلوا الارضية الملائمة لدعوات الانحلال ودعوات التغريب ومجاهرة المرتدين بردتهم من خلال دعوتهم التي هي الانسحاب من الحياة فرغم تفاخر الاسلاميين بكثرتهم وزخمهم وتأييد الامة لهم الا ان الحالة التي عليها الامة هي التردي والسقوط فالاسلاميون ليسوا في موقع القيادة منها بل في موقع التبعية لمسيرة التردي والسقوط في كل انحاء العالم الاسلامي فالاسلاميون سطحيو التفكير واصحاب اعوجاج في فهم النص ودعوى كثرة سوادهم لا تأثير لها وتنبت من طريقتهم هذه انحرافات التغريبيين والانحلاليين.
درس تطبيقي حتى يفهم دعاة المظنة والحيطة! ومتى يفهمون؟!
ما هي الاباحة؟ الاباحة حكم متعلق بافعال الناس وهو الفعل الذي رُفع الحرج في تركه او فعله والعقل هو الذي يرفع الحرج فيما يقع تحت العقل والنص هو الذي يرفع الحرج فيما هو شرع وقد يأتي الشرع بنص تعلمه العقول فيكون زيادة حجة وازالة غفلة.
اذن لفعل الاباحة حركتان (موجب) أي فعل المباح (وسالب) أي ترك المباح فكيف يتقرر عند الانسان الفعل او الترك المعطيات تتداخل امور ما التي تقرر الفعل او الترك عند الفرد الانساني ومعطيات أخرى عند فرد أخر هي التي تقرر الفعل او الترك من فرد لآخر ودواع أخرى عند جماعة انسانية هي التي تقرر الفعل او الترك ومعطيات ثالثة هي التي تقرر الفعل او الترك عند السلطة لماذا يظن اصحاب المظنة اوالحيطة أن القول بالاباحة يعني الاتجاه إلى الفعل ثم هم لا يخشوْن الفعل بل يخشون ما يتولد عنه وهم فيما استقر في نفوسهم ان الاباحة ترجح الفعل وان الفعل يؤدي إلى فعل الفاحشة والتمثيل على ذلك النظر إلى الافلام الجنسية مباح لقد رفضوا بحث كيفية الاستدلال على هذا الحكم من حيث أن النظر من حيث هو نظر مباح بدلالة العقل ودلالة واقع النظر ودلالة ان الله منّ على الانسان بانه خلقه مبصراً أي جعل له الابصار لينظر وان أي نظر يراد تحريمه يحتاج إلى دليل خاص.
هل يمكن ان يفهم اصحاب المظنة والحيطة هذه الاسس لاصدار حكم حول ذلك النظر؟ حقيقة حالهم هم مكابرون يقبلون هذه الاسس ويرفضونها في أن معاً ولذلك ينتقلون فوراً إلى بحث الاثار المترتبة على اباحة النظر ويؤكدون انها الوقوع في الزنا الواقع يكذبهم ويقول لهم في اوروبا الامر مفتوح لمثل هذا النظر ومع هذا فهناك من يزني وهناك من لا يزني مع ملاحظة ان قيم الغرب الليبرالي عن هي قيم متساهلة في هذا الامر ولكن في بلد مثل السعودية يقتنون هذه الافلام بكثرة ويتداولونها بطريقة سرية وبعضهم لا يقتنيها بل هو من وعاظ وفقهاء فقه المظنة ولكنه يذهب إلى المغرب والهند وماليزيا وغيرها ويزني بل ويزني داخل بلده كيف يمكن اذن اجراء ربط بين الزنا وهذه الوقائع.
الايمان واعتبار الذات أي القيم المعنوية والمركز الاجتماعي ونظرة المجتمع هي التي تحدد الاتجاه للمباح بالعمل او الترك وهذه هي المناعَة والحصانة الطبيعية لاختيار الترك او الفعل بالنسبة للمباح والدولة لها حق منع هذا المباح حسب نظرة المجتمع ولهذا امكن المنع في السعودية والاردن والعالم الاسلامي كله رغم انها ليست دولا اسلامية ولا يمكن المنع في العالم الليبرالي وكان المنع في العالم الاسلامي لم يمنع من اقتناء مثل هذه الافلام سراً والاباحة في العالم الليبرالي لم تمنع الكثير من عدم اقتناءه.
من مجالسة ثلاثة من دعاة فقه المظنة فيالسوء حالهم وبؤس فقههم وتردي معرفتهم احدهم يقول ان للصورة عورة وآخر يقول ان هذه الاراء لا تصح اما كيف لا تصح فلا شيء غير تكرار الاثار بعد ان جعلها كما سولت له نفسه وآخر يقول انه عندما لامس اصبعه طرف اصبع تلميذته هاجت غريزته بالمناسبة هو معلم دين اسلامي!
خائفون مرتعبون وجلون لان المسلم عندهم مجرد حالة ضعف ولهذا لا يمكن ان يذهب منهم داعية للغرب الا اذا اشترط على الغرب ان لا يقابل في طريقه امرأة وهل لا يقابل ايضا فتي امرد سؤال يحتاح إلى اجابة من فقهاء المظنة.
آن لفقه المظنة ان يندثر وان يحل محله فقه الدليل وان يُعلم ان للامة في مجملها ذوق عام وللافراد حسب مراكزهم الاجتماعية اعتبار ذات وان الاباحة يؤخذ تجاها موقفين وان الامة لا تخلو ولن تخلو من اهل الرعونة فلهم جاء القدر الادنى من التكاليف وفيهم من هو بين بين وفيهم من يبتغي العلو والرفعة والسمو لكن ليس الورع الميت بل التقوى الحية الفاعلة القادرة على التأثير وقيادة الامة نحو مكانها اللائق والله ارحم بعباده واعلم من فقهاء المظنة.
الانسان مكلف معنى مكلف انه ذات عارفة في محل القدرة على المعرفة وقادرة بقدرة مخلوقة فيه على ان يفعل اولا يفعل وتكليفه 1) تكليف معرفي أي متطلبات الايمان 2)وتكليف عملي أي تنظيم باستمرار حياته وهذا التنظيم متعلق بحاجاته العضوية المأكل والملبس والمسكن وتنظيم متعلق ببقاءه أي متعلق بغريزة حب البقاء وتنظيم متعلق باستمرار بقاء النوع أي متعلق بغريزة الجنس وتنظيم متعلق بسمو مسلكياته من خلال تنظيم غريزة الدين لابقاءه في محل السيطرة على تنظيم حاجاته العضوية وتنظيم متطلبات غريزتي البقاء والجنس لا من خلال نظام الوقاية بل خلال المعرفة الايحائية واثارة القوى الروحية الدافعة للالتزام بادئ التكاليف ايجابا وسلبا عند العاديين من الناس والسمو والرفعة عند اهل السمو والرفعة وهؤلاء هم اهل البصيرة في الامة واهل قيادتها واصحاب الاعمال الجليلة فيها فهم فاعلون لا منفعلون ومؤثّرُون لا متأثِّرون ومغيرون لا متغيرون اهل الحل والعقد ولكم ان تتصوروا اذا كان فقه الحيطة والمظنة والتسوير هو السائد فكيف يعرف الاتقي من التقي؟ والافضل من الفاضلين؟ والرجال من اشباه الرجال؟ والقادة من المقودين ان التكاليف الموجبة والسلبة هي المحك بين المصلح والمفسد وبين الملتزم والمتحلل وبين العادل والظالم ولكن تكاليف الاباحة هي المحك لمعرفة الافضل والفاضل والاتقى والتقي والرجل المميز من الرجال والقائد الفذ من القادة العاديين.
الفعل الترك
1- الواجب >------------ حركته المطلوبة باتجاه الفعل على الالزام
2- المندوب >------------ حركته المطلوبة باتجاه الفعل على الاولوية
3- المباح >-------------- حركته المطلوبة بالاتجاهين على الخيار
4-المكروه>-------------- حركته المطلوبة باتجاه الترك على الاولوية
5-الحرام >-----------------حركته المطلوبة باتجاه الترك على الالزام
رسم توضيحي لحركة احكام التكاليف
ان وجود حكم التخبير وجود معلوم للعقلاء ومعلوم لدارسي الشريعة وهو صراحة الحكم الكاشف للفروق بين مبتغي العلو والسمو والرفعة وبين نمط الرعناء وهو لا يعني الوقوع في المحرمات بل هو اختيار ذاتي وحصانة طبيعية وموقف استعلائي يختار فيه طواعية وعلنا الموقف الذي يليق به وهذا ما يوضحه الرسم التوضيحي لحركة التكليف والاسلام يتعامل مع الانسان وليس في مهمة الاسلام وجود نمط آلي واحد بل ان الاسلام يتعامل في احكامه مع انماط متفاوتة فاتحاً باب الدخول للرفعة والسمو والعو بعمل ذاتي والاصرار على ان حكم اباحة النظر للصور العارية يعني اتجاهاً واحداً هو النظر وليس الامتناع اصراراً لا ركيزة له وما هو اهم من ذلك هو ذلك الربط الجزافي بين حكم النظر وثورة الشهوة وطلب فعل الحرام ووجود من تقبل ممارسة الحرام وممارسة الحرام بينمهما على شكل لازم لزوماً حتمياً. كيف كونت المعيات اصحاب فقه المظنة هذه التلازمات؟
من تحصيل الحاصل في المباح انه لا قصد ظاهر من جهة الادلة في فصل المباح دون تركه ولا في تركه دون فعله بل مقصود الشارع جعل المباح لخيار المكلف فما كان من المكّلف من فعل او ترك فهو مقصود الشارع فالمكلف هو الذي يختار فهناك مباحات يرتفع بها الانسان إلى السمو والرفعة مثل الانكباب على العلم وضل الانفاق في اقراء الضيف ومثل المبادرة في القتال إلى التعاهد على الموت ومثل التصبر على الألم وعدم الشكوى والانين ومثل الاعتناء بالمظهر والزينة فيما هو مباح وكذلك التدرب في الرياضة والفروسية ومثل ترتيب غرف البيت والحديقة الخ مثل هذه الامور وهناك مباحات تقدح بالعدالة مع انها مباحة بان يراه الناس خارجاً عن هيئات اهل العدالة وصاروا يرونه من اهل الفسق وان لم يكن كذلك في حقيقته فالمباح من حيث هو مباح يتساوى فيه الفعل والترك ولكن لظروف ليست منه ولا هي صفة فيه يقام بالعمل فيمدح او يقوم به فيذم فترجيح الفعل على الترك او الترك على الفعل يأتي من امور خارج المباح.
نظريات الفقه الاسلامي
في دورين
فقه المظنة والحيطة فقه المظنة والحيطة
نظريات الفقه الاسلامي
فقه الدليل من نهاية القرن الاول فقه الباطن
إلى نهاية القرن الرابع وبداية الخامس
10هـ - 408هـ
فقه الدليل فقه الباطن
فقه المظنة والحيطة فقه المظنة والحيطة
نظريات الفقه الاسلامي
فقه الدليل بعد فصل الطاقة العربية عن فقه الباطن
الطاقة الاسلامية
مروراً بالغزو الثقافي الاستعماري وحتى اليوم
922- الآن
فقه الدليل فقه الباطن
رسمت نظريات الفقه بطريق الدوائر لمعرفة ان نظريات الفقه تطل على بعضها رغم التمايز بينها ولادراك حركة الفقه الاسلامي في الدور الاول دور الظهور والنضج والثاني دور البعث والنهضة المعاصرة لابد من ملاحظة ان هناك فترة انقطاع هي 922-408 الى 514 سنة هي دور الشروح والحواشي وحواشي الحواشي وفي دور الانقطاع تركز فقه المظنة والحيطة مما اوجد ارضية ملائمة لعصر الظلام الفقهي ثم محاولة النهضة لكن بمؤثرات عقلية ونفسية غربية.
ملاحظات مختصرة جداً حول تاريخ الفقه
الملاحظة الاولى الحقبة الاولى 10هـ إلى 110هـ تقريباً
تؤرخ بداية الفقه الاسلامي بوفاة الرسول صلوات الله عليه اذ اكتمل نزول الشريعة الاسلامية فلم يبق الا الاجتهاد أي بذل الجهد لاستخراج الحكم الشرعي المتعلق بالنازلة فكان فقه الصدر الاول فقه الصحابة والتابعين وتابعي التابعين أي إلى وفاة جابر بن زيد والحسن البصري وابراهيم بن يزيد النخعي وسعيد بن المسيب وربيعة بن فروخ ومحمد بن سيرين وطاووس اليماني ونافع مولى بن عمر وعامر الشعبي وامثالهما واذا كان فقه الصحابة هو فقه الاجتهاد على السليقة في حوادث قليلة جداً فقد زادت دواعي الاجتهاد في عهد التابعين وتابعي التابعين فوجدت مدرستين مدرسة الرأي ومدرسة النص او مدرسة الحديث ومن رجال هذه الحقبة ائمة العترة النبوية والطالبيين والهاشميين والصحابة وابناء الصحابة والعلماء من موالي آل البيت او موالي كبار الصحابة على رأس هؤلاء علي بن ابي طالب واولاده الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية وعلي زين العابدين والحسن بن علي بن ابي طالب والحسن محمد بن الحنفية وعبد الله بن محمد بن الحنفية وعبد الله بن عباس.
الملاحظة الثانية الحقبة الثانية 110هـ – 204هـ تقريباً نهاية الدور الاول وبداية الدور الثاني
اشتد الصراع بين فقهاء النص وفقهاء الرأي واخذ فقهاء النص يروون احاديث عن الرسول بطريقة الاسناد فتشكل جذر علم مصطلح الحديث ومال فقهاء النص في جملتهم إلى السلطة السياسية التي اشتد ظلمها وتزايد ومال فقهاء الرأي في جملتهم إلى الثورة ضد الظلمة فاحتضنت السلطة فقهاء النص مما مهد لظهور فقه الباطن على يد الشيعة الاسماعيلية التي انفصلت عن الشيعة الجعفرية والشيعة الجعفرية ايضا كانت قد انفصلت عن اهل التوحيد والعدل بسبب ثورة الامام زيد وظهر في هذا الدور بداية تأصل اصول الفقه ومن رجال هذه الحقبة واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد من المعتزلة وزيد بن علي وإليه تنسب الزيدية والامام جعفر الصادق وإليه تنسب الشيعة الجعفرية وابو عبيده مسلم بن ابي كريمة والربيع بن حبيب الازدي وبهما سار الفكر الاباضي نحو النضج والامام ابو حنيفة النعمان بن ثابت وتلاميذه ابو يوسف ومحمد بن الحسن السيباني وزفر بن الهذيل وهم ائمة المذهب الحنفي في بداياته والليث بن سعد والاوزاعي ومحمد بن إدريس الشافعي وغيرهم كثير .
الملاحظة الثالثة الحقبة الثالثة من 204هـ - 303هـ تقريباً البداية الحقيقية للدور الثاني
سار تأصل الفقه وتأصيل علم مصطلح الحديث وتأصيل اصول الدين ووضع قواعد اللغة العربية وتوسعت الترجمة وتضخمت المجادلات وبرزت من ناحية فكرية علمية وتأثيرية على السواد والعامة زمرتان زمرة في العلن والظهور هي سلطة اهل الحديث يزيد بن هارون وابو مسهر واحمد بن نصرالخزاعي ويحيى بن معين واحمد بن حنبل وغيرهم وزمرة أخرى في الاقبية تحت الارض في غاية السرية هي الاسماعيلية والائمة المستورون ورسائل اخوان الصفا واذا حاولت السلطة السياسية على يد المأمون فتح باب الجدال بحرية تامة استدراجا لزمرة الاقبية للظهور قامت قيامة زمرة اهل الحديث ادت إلى ما يسمى في التاريخ الاسلامي بالمحنة فتركز الانقسام بين التوجهات الفكرية ورغم ان هذا الدور اثرى الحالة الفكرية للامة الاسلامية اثراءً واضحاً الا أن سلبياته وهي تركيز الانقسام ادى إلى حالة البلبلة وبداية ظهور الدويلات المستقلة بل اقامة اكثر من خلافة وتركزت العسكرة في يد الترك مما جعل الخلافة في حالة ضعف وهوان على القادة العسكر الاتراك.
الملاحظة الرابعة الحقبة الرابعة 303 - 408هـ نهاية الدور الثاني وبداية عصر الهبوط
مهدت الحقبة الثالثة التي هي بحق بداية الدور الثاني ليس لنضج الفقه الاسلامي فقط وانما نضج المعرفة الاسلامية في كلياتها والتكامل في كل النواحي المعرفية الاسلامية واذا كانت الحقبة التالية قد ركزت الانقسام فان هذه الحقبة قد جعلت الانقسام حقيقة وواقعا عدواة ما بعدها عداوة واذا كان الجدال يدور سابقاً بين النخب العالمة فان العامة قد اشتركت في الجدال منذ بداية هذه الحقبة وظهر من العامة تصرفات اوقعت الامة في محنةٍ الاقتتال والفتن المتلاحقة لقد رفض العامة من الحنابلة عام 310هـ دفن محمد بن جرير الطبري في مقابر المسلمين وهكذا تحولت بغداد والبصرة والكوفة بل وسائر العالم الاسلامي إلى موجات من الاقتتال ومع ان الاقتتال جرى على اساس الابتداع والضلال والتكفير الا انه في الحقيقة جرى على اجزاء وتفاريق في الفكر الاسلامي فالاقتتال كان يتم مثلا حين احتفال الشيعة بيوم 10 محرم او بذكرى يوم الغدير وما مثل ذلك ولو قبل ان هذا الاقتتال كان على خلفيات الفرق الاسلامية لقيل لهم ليس ذلك صحيحاً بل ان النـزاع بين الشافعية والاحناف معروف ومعلوم والنـزاع بين الاشاعرة والحنابلة معلوم ومعروف والنـزاع والقتل داخل بيوت الله عند مذاهب من سميت باهل السنة معلوم ومعروف كل ذلك بسبب تركز فقه المظنة وفقه الحيطة وجعل فقه المظنة وفقه الحيطة ديناً تنـزل من السماء وليس فهما لـمجتهد من النص منطوقاً او مفهوماً او حتى اعتباطاً بل أن اعتباط عالم حنفي أي قول بلا نص وبلا دليل يجعله الاحناف دينا واعتباط عالم مالكي يجعله المالكية دينا واعتباط عالم شافعي يجعله الشافعية دينا واعتباط عالم حنبلي يجعله الحنابلة دينا واعتباط عالم اباضي يجعله الاباضية دينا وهكذا تحولت المذاهب إلى دين وتحولت اقوال علماء المذاهب إلى نصوص هي الدليل وهي المرجعية ولذلك كثرت الاستشهادات بتصدر القول قال العلماء او قال العالم الفلاني او قال شيخ الاسلام او قال حجة الاسلام او قال العارف بالله او قال قطب الائمة او قال شمس الائمة وهكذا اختلط التراث بالنص والدليل بالمجتهد فكانت الامور مهيئة بعد تلك الحال من التعصب لاصدار الوثيقة القادرية عام 408هـ المانعة للتفكير والجدال والاجتهاد وصارت العقيدة القادرية هي نص آخر لا يجوز تجاوزه .
الملاحظه الخامسة الحقبة الخامسة دور الهبوط 408 - 505هـ
تركز هذه الحقبة التي هي حقيقة حالة مميزة عن الحقب الاربع السابقة عنها فاذا كانت الحقب الاربع السابقة هي حقب سارت في الفقه والمعرفة الاسلامية مسيرة الصعود فان هذه الحقبة هي بداية الهبوط وكما ان الارتفاع لم يحصل دفعة واحدة فان الهبوط لم يحدث دفعة واحدة اشارة البدء بمرحلة الهبوط هي صدور الوثيقةالقادرية عام 408هـ فالاعتزال والتشيع الزيدي والامامي الجعفري والاسماعيلي قد منع منعاً تاماً مما اوقف التفكير والاجتهاد ولم يكن منع التفكير والاجتهاد بسبب خلل الاداء الفكري والاجتهادي أي لمنع البدع بل ان السبب الكامن والحقيقي وراء منع التفكير والاجتهاد منع الوجه السياسي في التفكير والاجتهاد .
لقد تركز في تلك الحقبة الخامسة الفكر العرفاتي الصوفي منتجاً هبوطاً في الاداء وخللاً في التفكير وتحول الامة إلى زمرة سنية وجماعات صوفية تتنازع فيما بينها إلى حد اعمال القتل مع استمرار في تصفية المعتزلة تصفية جسدية.
الحقبة السادسة 505 - 606هـ
يمكن القول أنَّ التميز الذي جرى في هذه الحقبة هو تركيز فقه المذاهب الأربعة وإعطائها مشروعية متساوية.
بسم الله الرحمن الرحيم
القياس والاجتهاد
ما ان يَسمع المتفقهةٌ كلمة الاجتهاد حتى يتبادر إلى ذهنهم كلمة ذلك ان القياس والاجتهاد كلمتان مرتبطتان ببعضهما ارتباطاً وثيقاً فلا يمكن وجود القياس بلا اجتهاد ولا اجتهاد شر بلا قياس.
واذا كان الاجتهاد هو بذل الوسع والجهد لاستنباط حكم شرعي عملي من دليله التفصيلي فلا مندوحة الاّ بتعداد ما يصلح ادلة شرعية وهكذا ندخل إلى صميم اشكالية الفكر الاسلامي واشكالية المدارس الاصولية الاسلامية في الفقه والتباين في تعداد هذه الادلة التفصيلية.
نجد انفسنا وجها لوجه حين تعداد ادلة الفقه بان الاصوليين اختلفوا وتباينوا في القياس كاحد الادلة الشرعية فابن حزم الظاهري يرفض رفضاً حاسماً اعتبار القياس من الادلة ويشنع المسألة تشنيعاً طريفاً حين يسوق امثلة مجتهداً لي يبطل القياس في عقل القارئ وها هو مثل واحد من امثلته
الكلب والسبع كلاهما حيوان له ذنب طويل يصلح الكلب لحراسة الماشية اذن السبع يصلح لحراسة الماشية.
هنا نرى ابن حزم وقد اعتمد في مثله على المماثلة وهو مجرد وجود شبه بين موضوعين ليعطي الثاني حكم الاول منهما وبما ان حكم الثاني لا يمكن ان يقبله العقل فهو لهذا يجعل من مثل هذا القياس حجته الداحضة للقياس وبطلان الوجه الشرعي لاستعماله بالاضافة إلى ما يراه مستنده الشرعي.
لكن هل مقولة ابن حزم هذه هي اشكالية القياس والجواب على ذلك كلا فلقد اختلف الاصوليون ايضا في القياس من حيث الدليل عليه ومن حيث مسوغ استعماله اهو السبب ام المناط ام العلة وهل هو قياس المماثلة ام قياس المطابقة وهل هو بالقياس الطردي فقط ام يضاف اليه القياس العكسي ايضاً.
ما هو حد القياس
يعرف ابو الحسين محمد بن علي بن الطيب البصري المعتزلي في كتابه (المعتمد في اصول الفقه) القياس بقوله:- "هو اثبات حكم الاصل في الفرع لاجتماعهما في علة الحكم
وتعريف صاحب المعتمد هذا يشمل قياس الطرد فقط فاذا اردنا ان يشمل القياس قياس الطرد والعكس فان التعريف يكون "القياس هو اثبات الحكم في الشيء بالرد إلى غيره لاجل علة".
وبتحليل قياس الطرد إلى عناصر نجده يشتمل على اربعة اشياء هي:-
أ- الاصل
ب- الفرع
جـ- الحكم
د- العلة
واذا كان الاصل والفرع ثابتان فان البحث انما يجري في الحكم والعلة وبالسبر نجد ام الكلام في الحكم لا يعدو كونه كلاماً في الحكم نفسه او كلاماً فيه بحسب تعلقه بالاصل او بحسب تعلقه بالفرع او بحسب تعلقه بالاصل والفرع معاً.
ويجري البحث في العلة من حيث وجودها او عدم وجودها ولا يمكن ان يجرى قياس الا بوجود العلة في الاصل والفرع معاً.
وعليه فان البحث في القياس هو بحث في العلة.
العلة
اختلف الأصوليون في تعريف العلة الشرعية على اقوال اجودها في نظري هو كون العلة:- "الوصف الظاهر المنضبط دلَّ الدليل الشرعي على انه الباعث على التشريع".
الشافعي يفرد في كتابه الرسالة باباً بعنوان القياس ابتاءً من المسألة 1321-1376 ليأتي بعده باب الاجتهاد من المسألة 1377-1455 ومع هذين البابين الا انه لا يذكر العلة مطلقاً لكنا نراه يقول في المسألة 1334:- "والقياس من وجهين احدهما ان يكون الشيء فيه معنى الاصل فلا يختلف القياس فيه وان يكون الشيء له في الاصول اشباه، فذلك يلحق باولاها به واكثرها شبهاً فيه. وقد يختلف القايسون في هذا" انتهى كلام الشافعي.
الشافعي يركز على الحاق الشيء إلى ما فيه معنى الاصل وما فيه معنى الاصل هو مفرد من مفرداته ولم يلحق بسبب العلة ويلحق شيئاً إلى اولى الاشياء الظاهر حكمها بسبب قرب واكثرية التشابه فاقام التشابه مقام العلة وجعل التشابه محوراً للالحاق يوقعنا في الاخطاء الحكمية ونمثل على ذلك فنقول: حرّم الله نبض من السنة الانتحار سواءً بالتردي من شاهق او بتجرع السُّم او بوجأه نفسه بحديدة فهل لا يشبه مثل ذلك لبس الحزام الناسف والتقدم إلى جموع العدو المتقدمة وتفجيره نفسه مع ما يطوله من العدو او لا يشبه الانتحار ايضا التقدم بسيارة ملغّمة لتفجيرها في العدو.!؟
ان مجرد الحمل على المشابهة يجعلنا نقع في اخطاء اجتهادية توصلنا إلى تحريم الواجب او تحليل الحرام فالتقدم للعدو بالحزام الناسف او السيارة الملغمة او الطائرة المتفجرة هو من مفردات الاقدام الذي طلبه الله بقوله {ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم...} الآية.
عليه نؤكد القول لدعاة توقف العقل عند حد نتاج السلف خطورة مقولتهم تلك على الشريعة الاسلامية والامة الاسلامية فما من قول لعالم من السلف الا ويمكن انشاء قول عليه من الخلف يرتقي به بل ويمكن رد قول من اقوال السلف لظهور الحجة على مجانبتة الصواب.
اوجه الاختلاف في العلة
قال السالمي في ارجوزته
وقيل ان الاصل في الاحكام تعليلها بحسب المقام وقال قوم عدمُ التعليل اصل فيحتاج إلى دليل
الاختلاف في العلة على اقوال
أ- الاصل في الاحكام انها معللة فما ظهرت علته في النص فهو لا يحتاج إلى جهد وما لم تظهر له العلة فلابد من التماس العلة له بحسب ما يقتضيه المقام.
ب- الاصل في الاحكام عدم التعليل فلا يعلل منها الا ما ورد نص بتعليله
* لكن السؤال الذي يبقى قائماً كيف نعلم العلة سواء، ذهبنا إلى علة جميع الاحكام او إلى علة بعض الاحكام فمثل هذا البحث ايضا جزء من اشكالية العلة أي من اشكالية القياس.
حين البحث في العلة نجد كثيراً من التساؤلات التي لابد من الصيرورة إلى حلها لمعرفة العلة فالعلة تختلط كما مر سابقاً بالسبب وتختلط بالمناط وتختلط بالحكمة ومن هنا كان لابد من جملة من الحدود من شأنها ان تقيم التفريق بين هذه المتشاكلات.
لقد عرف الاصوليون السبب بانه علاقة تؤثر في الحكم وجوداً او عدماً فالسبب هو ما كان من وجوده وجود ومن عدمه العدم فهو مجرد علامة على وجود الحكم او عدمه وليس باعثاً على تشريع الحكم فالسبب دال على وجود الوجوب وليس على سبب الوجوب.
اما تعريف المناط فهو ما اناط الشارع الحكم به وعلقه عليه وبصورة اخرى أي هو المسألة التي ينطبق عليها الحكم وليس دليل الحكم ولا علته أي وليس الباعث على تشريعه ولهذا فان المناط يقتضي النظر بالشيء من حيث واقعة أي لمعرفة ما اذا كان فرداً من افراد ما وجد حكم عليه ام لا فالفودكا مثلاً يبحث في واقعها فنجدها انها شراب مسكر فنعلم انها حرام كفرد من افراد المسكر.
والحكمة هي ما ورد في النص من بيان زائد عن الحكم ولم يظهر فيه انه الباعث على التشريع مثل قوله تعالى {اتل ما اوحي اليك من الكتاب واقم الصلاة ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر...} الآية() فالنهي عن الفحشاء والمنكر ليس علة للصلاة وانما حكمة لها ومثل ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم "كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور الا فزورها فانها تذكركم بالاخرة" فقول الرسول انها تذكركم بالاخرة ليس علة للزيارة وانما حكمة لها وامثلة الحكمة كثيرة.
شروط العلة
قال السالمي في الالفية
وشرطوا وجودها في الاصل بلا خلاف وكذا بالفصل
وعَدَمَ مانع وعَدَم َ نَص معارض وحكمها مستقصٍ
وعدمَ اجماع بهذا الحال ولم تعد للاصل بالابطالِ
ولم يكن وجودها مؤخّراً عن حكمها او عدماً مقدراً
و جوزوا تعليلنا بالعدم لعد لا لوجود فاعِلم
و انها لحكمة مشتعله والحكمة المصلحة المحَصَّلة
او دفع ما يفسد والثاني اهم من جلب ما يصلح والكل انقسم
ولكن هذه الشروط التي اشترطها السالمي هل هي في محل النزاع ام لا.!؟
وعودة إلى شروط السالمي نجدها هي كما يلي (1) وجود العلة في الاصل والفرع (2)ان لا يكون للعلة مانع يمنعها عن الجريان على ما هو مثلها (3) ان لا يمانع العلة نص او اجماع (4) وجود العلة في جميع الصور التي تكون فيها العلة وهي ما يسمى بالاطراد (5) ان لا تعود العلة إلى اصلها بالابطال (6) عدم كون العلة متأخرة عن حكم الاصل (7) ان لا يكون الوصف وصفاً عدمياً مقدراً (8) ان تكون العلة مشتعلة على حكمة مقصورة للشارع والحكمة هي جلب مصلحة او ردء مفسدة.
ان ملاحظة دقيقة لشروط السالمي الثمانية تبين ان السالمي مثله مثل غيره لم يقرن بين العلة وغيرها مما يشتبه بها من سبب او مناط او حكمة.
والشروط التي نختارها للعلة هي ثمانية شروط
(1) ان يعلم بالسبر والتقسيم والاستقرار انها أي العلة الباعث على الحكم
(2) ان تكون العلة وصفاً ظاهراً منضبطاً مشتملاً على معنى مناسب يصلح علة
(3) ان تكون مؤثرة في الحكم أي يحصل الحكم أي وجوده بثبوتها فيه
(4) ان تكون العلة سالمة فلا يردها نص من كتاب او سنة او اجماع صحابة (انظر الشرط الثالث عند السالمي)
(5) ان تكون مطردة أي يدور الحكم معها وجوداً وعدماً (انظر الشرط الرابع عند السالمي)
(6) ان تكون متعدية إلى غيرها اما العلة القاصرة فهي مجرد بيان او حكمة
(7) ان تثبت بما يثبت به الحكم الشرعي
(8) ان لا تكون امارة للحكم او علامة له
مسالك العلة
ليس من سبيل او طريقة لاثبات العلة
غير مكتمل **
حكم اللحية في الدين الاسلام
ما شاء الله! انه لم يأخذ من لحيته ابداً!
لكن من هو هذا ؟ أَهو سلفي ملتزم بالسنة ؟!
أخي الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
وصلتني رسالتكم المؤرخة 4/6/89 متأخرة ولم اباشر الرد عليها منذ وصولها لانشغالي في الجدل المحتدم بين اهل العدل والتوحيد وهم القلة المستقيمة وبين مشبهة الجيرية الحشوية تلك الفئة المدعومة بالموروث الاسلامي ورضاء سلاطين اليوم كما رضي عنهم سلاطين الامس من اهل الجور والظلمة.
الارهاص الاسلامي قويٌ وعنيف ولكن اعمال مشاغلته ليتحقق احتواؤه وتذويبُه تساوي تماماً قوة الارهاص ومن هنا يتعثر اهل الحق بمسيرتهم نحو الفجر الصادق.
اخي الكريم
التالي هي الاجابة على السؤال الرابع وقد اخترت الاجابة على هذا السؤال الاخير من سؤالاتكم لتكرر هذا السؤال كما ورد في رسالتكم هو:-
انّ حلق اللحية فيه تشبه بالنساء فيحرم من هذا الباب فما الرد على هذا؟
للاجابة على هذا السؤال لابد من بعض التوضيح وهو أن النساء تفترق عن الرجال بالانوثة فقط لان الله هيأها لان تكون اماً أي محلاً للحمل والولادة والرضاعة هذا هو الفرق الوحيد بين الرجال والنساء فالشعر ليس هو الفرق بين الذكر والانثى والاّلقلنا ان الامرد امرأة وان المرأة التي يظهر شعرٌ في شواربها ولحيها ووجهيها هي ايضا رجلٌ فعليه لا تبقى قيمة للسؤال بعد فهم مثل هذا الواقع.
ان موضوع ارخاء او ارجاء او توفير او ابقاء او اعفاء اللحية اورده البخاري ومسلم واحمد من حديث (ابو هريرة وابن عمر) ولم يرد عن غير هذين اللذين لهما فضلُ صحبة لتأخر اسلام اولهما وصغر ثانيهما ومن الضروري ملاحظة انهما تتلمذا على كعب الاحبار ويمكنك مراجعة ترجمة كعب الاحبار في الاصابة لتعلم صدق ذلك، وبالطبع ورد في كتب الحديث الاخرى عن هذين الصحابيين فقط تمتلأ بعض مرويات (ابو هريرة) (البالغة 5374) حديثاً بما يجعل متونها منكرة كل الانكار ومرويات (ابو هريرة) تحتاج إلى رجل علم مبدأي يحققها ويقول الرأي الحق فيها، بغض النظر عن رضا الناس.
اما عبد الله بن عمر والذي كان صغيراً يوم احد فانه يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 2630 حديثاً وهو الرجل الثاني في عدد مروياته عن رسول الله ويوم الجمل وصفين اعتزل القتال وبايع يزيداً ولم يخلعه يوم خلعه اهل الحرمين اثر ةفي مروياته منكرات مثل احاديث (ابن صياد).
لقد نُقلت روايات عن ابن عمر وعن ابي هريرة لحديث خمس من الفطرة ولم يرد فيها موضوع توفير اللحية ولم يرد موضوع اللحية رغم تعددِ نقله سنن الفطرة الاّ في حديث عبد الله بن الزبير عن عائشة فهو هنا يذكر عشرة من الفطرة خلافاً للاحاديث التي تعدها بخمس وعبد الله بن الزبير ايضاً تتلمذ على كعب كما ورد بالاصابة.
ما سبق لا يشكل طعناً باحد وانما هي وقائع لابد من اعتبارها لنصل إلى الرأي في الموضوع الذي اشغل الكثير من اوقات المسلمين ويجب ان يكون واضحاً جلياً ان أي فرد من الصحابة كائناً ما كان غير معصوم في نقله اذ قد يعتري نقلَه الوهمُ او الخطأ بل والكذب المتعمد والتمدح الشرعي (ايات واحاديث) جاء لمجموعهم وليس لافرادهم، والعصمة لمجموعهم وليس لاي واحد منهم على انفراد.
تحوي احاديث اللحية امراً بالارخاء والتوفير والارجاء والاعفاء والايفاء وهو أمر متابع بالبيان المساق وكانه علة للامر (خالفوا المشركين) كما هي في رواية ابن عمر في البخاري ومسلم واحمد.
ان هناك ملاحظة تلفت النظر هي أن اهل الاوثان واهل الكتاب واهل المجوس كما هي ايام الرسول صلى الله عليه وسلم انهم يرخون اللحى فكيف يطلب الرسول مخالفتهم مع ان ظاهر الأمر موافقتهم؟! يظهر ان المخالفة المطلوبة هي حف الشارب فالمفارقة بيننا وبينهم هي الاخذ من حواف الشوارب بينما هم لا يأخذون من حواف شواربهم هذا حين الاعفاء.
نعود الآن - انا وانت واي قارئ لهذا الجواب - إلى أمر أُصولية اولها هل الامر للوجوب ام للاباحة ام للطلب والقرنية تعين نوع الطلب.
ثانيها هل الاخبار عن امر انه من الفطرة يعني وجوب اتباع الفطرة.
اما بالنسبة للامر الاول فان العرب وضعت الامر للطلب والقرينة هي التي تعين نوع الطلب والقرينة تكون نصاً ضمن النص او موضوع النص او نصا أخر والقرآن الكريم وكلام الرسول كما لا يخفى كلام عربي تنطبق عليه قوانين العرب في فهم النص.
واما بالنسبة للامر الثاني ان أمر الفطرة لا يدل الاّ على الاباحة على ان النتف للابط وقص العانة وحف الشارب وتليم الاظفر والختان هي اعمال ضد الفطرة فالقول بالفطرة يعني تركها على فطرتها.
اعتمد كثيرٌ من الفقهاء وكلهم من المتأخرين زمنا في فهم الحديث على واقع الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة ثم تتابع الاجيال أرخاء اللحية واستمرار الارخاء إلى عصور متأخرة.
اننا لو اعتمدنا على ذلك لكان حراماً هذا الثوب الذي نلبسه الان بما فيه من تطورات لم تكن موجودة في العهود السابقة ولحرّمنا اساليب الابنية وجميع التقنيات الحديثة.
على ان الامر يمكن ان تعكسه فتقول لهم هل كان المشركون والمجوس لا يرخون لحاهم وما العمل بالحديث الذي يقول بمخالفة المشركين مرة والمجوس مرة أخرى وماذا نقول بكهان اليهود وبطارقة النصارى ودهاقنة المجوس وماذا نقول بكل الناس قبل ان تسهل امر الحلاقة الناعمة.
ليس في علمٌ في النص على مستوى التطبيق أي هل ورد ان احداً من الناس حلق لحيته فاوقع احد القضاة عليه حكماً تعزيرياً الجلد او الحبس سواء في ايام الرسول او الراشدين وهل أن هذه المخالفة لم تقع مطلقاً. لا في زمن الرسول ولا في زمن الصحابة ولا التابعين ولا تابعي التابعين!؟
انّ احاديث الرسول صلى الله عليه وسلم والمتعلقة باللحية لا يمكن ان تُفهم انها توجب هذا العمل لان القرائن الموضوعية التي تحف بها وهي واقع المشركين والوثنيين من العرب والمجوس واهل الكتاب هو واقع الارخاء والتوفير والارجاء والاعفاء والايفاء والمخالفة لهم لا تتحقق الاّ بالحلق للحية وبما ان هذا لم يتحقق عملياً من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكون الامر (بهذه القرينة) لمجرد الارشاد أي لاباحة الحلق والارخاء والمندوب هو مخالفة الشكل الذي عليه اهل الكفر قاطبة من حيث شكل اللحية والشارب أي التمييز فان كانت عادتهم على اساس انها دين الاخذ من الشارب وهو الذي يظهر عليهم فاننا نأخذ من حوافه على ان الاخذ من حواف الشوارب هو المطلوب.
ان التراث الاسلامي فقه (مقولات الفقهاء) حديث (مصطلح وجرح وتعديل) وتفسير (اصول تفسير ومناهج تفسير) وتاريخ (تحقيق وتمحيص) ولغة (فقه لغة ومعاني) كل هذا التراث دون الاصول يحتاج إلى موقف ابداعي يلد الحاضر ويحمل المستقبل وما لم يتحقق ذلك فسيبقى حوار الطرشان يقود المعركة الجدلية دون الوصول إلى اساس يمكن البناء عليه وسيبقى كل على موقفه يراوحه ولا يريد ان يتزحزح عنه.
مقولات الفقهاء وخاصة الشافعية ثم الحنابلة في الجزيرة العربية وبلاد مصر والشام صارت مقدساً لاهل تلك اليار ومن هنا تجد مثل هذا التعنت الذي لا يصدر عن فهم للدليل وصحة الاستدلال به وانما يعبر عن الكينونة المقدسة لاهل تلك المقولات ومن هنا تصعّب الامر والمعركة الان هي معركة تأصيل اصول والنجاح في تأصيل اصول متعلقة بالدليل وكيفية الاستدلال هي التي يجب ان تكون موضع النقاش ولذلك يجب ان يقال لمن اوجب ارخاء اللحية ما دليله وكيف استدل بهذا الدليل فان قال ان الفقهاء قالوا بذلك قل مقالة الفقيه لا تصلح دليلاً بل هي تحتاج إلى دليل. وان قال الدليل حديث رسول الله فيسأل كيف عرفت ان الامر للوجوب وليس للارشاد او للاباحة وهكذا يكون النقاش في كيفية الاستدلال.
بقي أمر أخير في مناقشة استدلال من يقول بوجوب اللحية وهو مقدار حد الارخاء والاخذ من الحواف والاطراف فان قالوا تترك على حالها لا يؤخذ منها ابداً طالبناهم بالدليل وان قالوا بجواز الاخذ سألناهم عن حد الاخذ فان قالوا ان ابن عمر كان يأخذ ما زاد على القبضة قلنا لهم عمل ابن عمر لا يصلح دليلاً فان اجازوا الاخذ منها دون تحديد فقد وقعوا في جواز الحلق لان الحلق هو اخذ اذ هي في ثاني يوم من حلقها بانعم انواع الحلاقة تكون قد ظهرت.
تلك هي الاجابة على موضوع اللحية وهي اجابة كافية لمن يريد ان يعلم ويفهم ويتقي الله بامر المسلمين ويعمل بجدية بالاسلام عملاً وللاسلام دعوة والله ناصرٌ من ينصره ان الله لقوي عزيز
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
12 ذي الحجة 1309هـ
الموافق 15/7/1989م أخوكم امين نايف
هذه أسئلة سائلين أعيدت صياغتها دون أي إخلال بالمعنى بسبب سوء صياغة الاسئلة في الاسلوب واللغة والتراكيب والاملاء وهذه هي الاسئلة بعد إعادة صياغتها :
س1 يقول السائل: تزوج ابن عمي شقيقتي وانا تزوجت شقيقته وذلك عام 1964 م وقام بإجراء مراسم العقد الشرعي المأذون الشرعي ويقال عن مثل هذا الزواج في عرف الناس أنه بدل وبعد هذه السنين الطويلة والعشرة الزوجية قائمة ولكل منّا أولاد من زوجته بعض هؤلاء الاولاد تزوجوا قيل عن هذا الزواج حديثاً أنه زواج شغار وانه حرام فما العمل الآن ؟ أيستمر الزواج وتبقى العشرة الزوجية أم تتوقف ؟
س2 أ- ما هو واقع الاسنان الصناعية (المقصود الاسنان التي يمكن خلعها أي ما يطلق عليه طقم الاسنان المجموعتين أو واحدة منهما) من حيث إبقاؤهما في الفم حين الاغتسال من الجنابة وحين الوضوء أو إخراجهما.
ب- ما الحكم أيضاً في وضع فرش على فتق في الصدر والفرش مثبت في مكانه بالصاق (بلاستر) فوقه فهل يجب رفعه حين الاغتسال من الجنابة أو لا؟
س3 ما حكم الشريعة الاسلامية في عمل النساء على وجه الخلطة في الدوائر الحكومية ومكاتب الشركات والمستشفيات وما هو مثل ذلك؟ وهل وقوع مثل ذلك هو زنا أو يشبه الزنا ؟
س4 هل تصح الصلاة ممن يضع علبة السجائر في جيبه حين أداء الصلاة ؟
س5 ما حكم الزواج من ابنة امرأة من رجل عقد على امها ولم يدخل بها أي لم يحدث بينهما الدخول الشرعي وما حكم زوجة الاب المعقود عليها فقط دون الدخول اذا مات الاب أو طلقها أي هل يجوز للابن أن يتزوج زوجة الاب التي لم يدخل عليها الاب عند الموت أو الطلاق ؟
س6 ما حكم العمل في عيادة كلها نساء ويقع نظري أينما تحول على عورات النساء فهل مثل هذا العمل حرام أو حلال؟
الاجـــــــــــابة
تلك هي الاسئلة التي وصلت جريدة اللواء وناشد السائل الاول نشر الجواب في اللواء بعد عرضه على علماء المسلمين والسائل الاول سأل خمسة أسئلة أما الثاني وله سؤال واحد فقط هو السؤال السادس تقدم برجاء لإفادته.
ما يلفت النظر في هذه الاسئلة ليس حرص السائلين على طلب الحكم الشرعي تجاه الوقائع وإنما يلفت النظر مقدار البلبلة التي تعتري ذهن البعض من جمهور المسلمين حول أحكام عامة مبهمة غامضة لكونهم يسمعون أحكاماً يتصدى لها تارةً علماء قيل أنهم علماء وعلى مبلغٍ عالٍ من العلم يقدمون فتوى أو مقال من خلال ملكتهم لا من خلال البحث على واقعة فتحدث البلبلة أو يتصدى لها من يسمّون أنفسهم طلبة العلم مؤهله لحية طويلة وثوب قصير وسواك في جانب الفم ليس لهم علاقة بأصول الفقه ولا بعلوم اللغة العربية ولا بفقه الوقائع فيقدمون إجابة من خلال سماعهم أو قرائتهم لظاهر نص من نصوص السنة وهكذا تحدث البلبلة بين الناس حول احكام شرعية طبيعتها أنها فردية وطبيعتها أنها من فقه الاختلاف بين المذاهب المعروفة وغير المعروفة ويجيبون من خلال رأي فقهي واحد بعد أن جعلوه هو الرأي الصواب وما عداه باطل.
الاحكام الشرعية مصدرها ومرجعيتها النصوص الشرعية وما أعتبر نصّاً شرعياً اختلف عليه الفقهاء إختلافاً بيناً ولكنهم إجتمعوا وأجمعوا على مصدرين أو مرجعيتين للحكم الشرعي هما الكتاب وصحيح السنة ومع هذا الاجماع إلا أن إختلافهم في فهم دلالة الآيات معروف ومعلوم وإختلافهم في منهج التثبت من سنة المصطفى وكيفية الاستدلال بها معروف ومعلوم أيضاً.
لا بد من أن يدرك المسلمون كلهم أن علاقتهم بالحكم الشرعي علاقة تأتي على وجهين الوجه الاول معرفة الحكم الشرعي وهذا ما يحتاجه عامة المسلمين وخاصة ما يتعلق بهم على وجه الخصوص والوجه الثاني إستنباط الحكم الشرعي من دليله ومطالب كل وجه يختلف عن مطلب الوجه الثاني والحقيقة التي لا جدل فيها أنه قد إختلط على المسلمين أخذ الحكم الشرعي مع إستنباط الحكم الشرعي كان نتاج ذلك هذه البلبلة التي يتعايش معها المسلمون اليوم وفي طيات الاجابة عن هذه الاسئلة سينكشف لك أيها القارئ الكريم الاسباب الكامنة وراء الحالة التي عليها المسلمون سواء في إستنباط الحكم الشرعي (عمل المجتهدين) أو أخذ الحكم الشرعي عند عامة المسلمين.
جواب السؤال الاول
لإدرك جواب السؤال الاول لا بد من معرفة الحقائق التالية :
1- الشغار عقد باطل أي يترتب عليه عدم الاثر في الدنيا والآخرة .
2- السؤال عن واقعة بدل فالمطلوب معرفته هل واقعة البدل شغار أم هي عقد صحيح؟ أي أنه ليس واقعة شغاراً.
يتبين من ذلك أن السؤال ليس عن الحكم الشرعي ودليله بل السؤال عن مدى إنطباق زواج البدل الذي حدث عام 1964 م على وصف الشغار.
إن المسألة الآن محصورة تماماً في معرفة واقعة البدل وهل هي واقعة الشغار، إن صورة الشغار هي أن يزوّج رجلٌ ولّيته لرجل على أن يزوجه الآخر ولّيته بأن يكون بضع الواحدة مهر الاخرى ولأن صورته تحمل وصفين الولية مقابل الولية والبضع هو المهر إختلف الفقهاء حوله فمن قائل أنه زواج باطل لمجرد ظهور الوصف الاول ومن قائل أنه زواج باطل لظهور الوصف الثاني.
أما صورة زواج البدل بعد أن أصبح أمر الزواج مرهوناً بالمأذون الشرعي فهو يقوم حسب الوقائع التالية :
1- التماس من ولي واحدة لولي أخرى طالباً وليته لنفسه أو لإبنه على شرط أنه سيزوجه وليته لنفسه أو لإبنه حسب الوقائع المعلومة من زواج البدل فالالتماس لا قيمة له ولا يسمى عقد زواج ولا يجيز أي فعل بينهما من الافعال التي يجيزها عقد الزواج.
2- يجري المأذون الزواج على الصورة المعلومة مسمياً مهر كل واحدة على حدة فتكون صورة هذا الزواج وواقعه الظاهر أنه زواج صحيح يترتب عليه أثر الزواج في الدنيا أما أثره في الآخرة فمردّه الى علاّم الغيوب
3- إنّ العقود تسنمد صورتها شرعاً من المنظومة الكلامية حين وقوع العقد ولا تستمد صورتها من النية لان العبرة بالعقود للكلمات والمباني ولا قيمة للمقاصد والمعاني في معرفة الحكم.
وبما أن الالتماس لا يوقع عقداً ولا يقوم مقام العقد فيكون عقد الزواج الذي يسمى بدلاً في صورته التي أوقعها المأذون هو عقد صحيح يترتب عليه كل أحكام عقد الزواج الصحيح.
4- على إفتراض أن المهر المسمى كان مجرد مهر مدون في عقد الزواج ولم يُدفع المهر للمعقود عليها فإن الواجب على الزوج إبراء ذمته بدفع المهر المدون بعقد الزواج المقصود المهر المعجل اليها الآن مع ملاحظة أن عليه دفع قيمته آنذاك مقدرة بالذهب في حينه لأن المماطلة بدفعه كانت من الزوج.
5- هذه الاجابة هي إجابة مرادها تفقيه الناس بأرضية لفهم كيفية أخذ الحكم الشرعي ولا تستمد من قانون الاحوال الشخصية الذي تسير عليه المحاكم الشرعية في الاردن أو في دائرة الافتاء.
6- ابن حزم يتشدد في موضوع الشغار وهو في تشدده يخالف معنى الشغار من حيث اللغة ومن حيث الوصف الشرعي ومع هذا فإن ابن حزم يتحدث عن عقد زواج قبل وجود المأذون أي صورته العقد متشابه بين الوليين فالفرق بين الصورة التي يبطلها ابن حزم وصورة البدل أمر واضح فهما صورتان مختلفتان فزواج البدل زواج صحيح كما تدل عليه صورته.
جواب السؤال الثاني قسم أ منه:
يتركز البحث في جواب السؤال الثاني قسم أ حول المضمضة وهل هي جزء من أجزاء الاستحمام في الجنابة أم هي نافلة من نوافل الاستحمام وهل طقم الاسنان يعامل معاملة أنه جزء من أجزاء الجسم لانه من أعمال التداوي مثله مثل السن أو الجزئية الثابتة في الفم أو تلبيس السن بالذهب أو الفضة أو أي مادة أخرى جاءت للجسم من خارجه أو أنه مثل الكفوف بالايدي لا بد من خلعها حين الوضوء أو الاغتسال تلك هي أسس البحث.
المضمضمة لم ترد في القرآن الكريم حين الامر بالوضوء فآية الوضوء جاءت بغسل الوجه واليدين الى المرفقين ومسح الرأس وغسل الرجلين الى الكعبين ولهذا جرى الخلاف حول المضمضة والاستنشاق والاذنين أهما زيادة فعل من قبل الرسول على وجه القربة فيكون ذلك من النوافل أم أن اسم الوجه يشمل ما فيه الفم والانف فغسلهما واجب ظاهراً وباطناً.
لقد ذهب مالك والشافعي والاوزاعي والليث والحسن البصري والزهري وربيعة ويحيى بن سعيد وقتادة والحكم بن عتيبة ومحمد بن جرير الطبري والناصر من أهل البيت وفي كتاب النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف تفيد أن المضمضة سنة أي نافلة - وهو من الاباضية - ويراها ابن حزم أيضاً أنها ليست بواجبة في الغسل وذهب أبو حنيفة وأصحابه والثوري وزيد بن علي من أهل البيت الى أن المضمضة والاستنشاق فرض في الجنابة سنة أي نافلة في الوضوء.
وهكذا تبين وجود خلاف حول المضمضة في الغسل من الجنابة ولا يوجد بحث عند من يوجب المضمضة في الجنابة حول الاسنان الصناعية لانها لم تكن موجودة في زمنهم يفهم من ذلك أن الذين يقولون بنزع طقم الاسنان هم متأخرة الاحناف على إعتبار أن الطقم لبس من الجسم ويغطي جزءاً فيمنع من تعريضة للغسل.
يوصل هذا العرض الى أن المضمضة ترجيحاً ليست من الفريضة لا في الوضوء ولا في الجنابة فعليه يصح الوضوء وغسل الجنابة لمن ترك طقم الاسنان في فمه.
جواب السؤال الثاني قسم ب:
حكم وضع القرش أو أية جبيرة على الجسم للتداوي فالحكم الشرعي فيها المسح حين الوضوء وحين الاغتسال أما ابن حزم فيرى سقوط الحكم عن ذلك المكان فلا غسل ولا مسح ويستشهد بالآية { لا يكلف الله نفساً إلا وسعها } وقول الرسول ( اذا أمرتكم بأمر فأتوا به ما إستطعتم) وهو يسقط النص الوارد في المسح الذي رواه أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي عن زيد بن علي عن أبيه علي زين العابدين عن الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب قلت يا رسول الله أمسح على الجبائر؟ قال نعم إمسح عليها فابن حزم لا يقبل هذه السنة لانها منقولة عن أبي خالد الواسطي ومع إجماع علماء الحديث على تكذيب الواسطي إلا أنه واضح أن تكذيبه لم يكن عن بينة إنما لنقله أحاديث وآراء زيد بن علي فالتكذيب جاء بسبب ذلك وابن حزم كذبه تبعاً لهم.
أما الآية والحديث اللذين يستشهد بهما ابن حزم فإن المسح هو بالوسع والطاقة والذي ليس بالوسع والطاقة هو وضع الماء لأنه يؤدي الى الضرر والأذى.
وممن رأى المسح على الجبائر أبو حنيفة ومالك والشافعي فالمسح هو المطلوب من واضع القرش على الفتق.
جواب السؤال الثالث:
لا بد من وقفة عند السؤال الثالث فالسائل لم يسأل عن حكم الشرع في الاختلاط أثناء العمل أو حكم عمل المرأة في مكان يؤدي الى الاختلاط بل وضع له وصفاً مثيراً للاشمئزاز والوصف هو قوله هو زنا أو يشبه الزنا ذلك الوصف الذي تجاوز به كل المعايير الشرعية أولاً والاجتماعية ثانياً والعقلية ثالثاً فالمختلطة مع الرجال الاجانب كلمة الاجانب تعني غير محرمين عليها أي المقصود مراد الشرع من كلمة الاجانب ليست زانية ولا مثل الزانية والتي في خلوة مع رجل أجنبي عنها لا يقال عنها زانية بل يقال عن ذلك وقعت هي وهو في حرمة الخلوة فكان على السائل أن يكون دقيقاً في كلامه ولا يقع في محاذير شرعية وعليه ان يتوب الى الله من هذا الوصف أما السؤال المشروع فكان يجب أن يكون عن العمل الذي يؤدي الى الاختلاط وعن الملابس التي يجب أن تكون عليها المرأة في عمل فيه الاختلاط.
عمل المرأة من حيث هو عملٌ مباحٌ شرعاً والاجماع على ذلك وهو معلوم من الدين بالضرورة وكان عليه المسلمون منذ النبوة الى الراشدين فالسؤال ليس عن حكم عمل المرأة بل على الظروف التي تعمل بها المرأة أما حكم اللباس في العمل فليس هو الخمار والجلباب لأن هذين اللباسين هما ملابس الحياة العامة أي الشوارع المطروقة وساحات البلدة والاسواق فالملابس المطلوبة في مثل هذه الحياة هو اللباس الذي يستر العورة أي اللباس الذي لا يحكي لون الجسد وليس المراد باللباس الساتر هو اللباس الذي لا يصف شكل الجسد واللباس الساتر هو اللباس الذي يغطي كل الجسم ما عدا الوجه والكفين والقدمين تحت رمانة الرجل شريطة أن لا تكون خلوة في مثل هذا العمل أو أن العمل من حيث هو عمل متعلق بأنوثتها لا بجهدها العقلي أو العضلي.
ما سبق هي أحكام عمل المرأة وأحكام لباسها أثناء العمل أما مخالفتها لذلك في اللباس فيقال عنها انها مرتكبة للحرام هو كشف جزء من العورة ولا يقال عنه أنه زنا أو أنه مثل الزنا أو أنه يفتح باب الزنا أما الاحاديث المتعلقة بالنظر أو اللمس بالمصافحة أو غيرهما فإنها كلها تحرم اذا عملت على وجه معين وهو أنها مقدمة للزنا أي أن واقعها هو مراودة للعين أو باللمس أو بغيرهما والمقدمات حرام إتيانها سواء من المرأة أو الرجل ولا بد من إعادة التأكيد أن النظر ليس حراماً وإنما النظر المعين هو الحرام وأن الملامسة المعينة هي الحرام وهي مع التهديد والوعيد عليها كما وردت بنصوص السنة إلا أنها لا تسمى زنا ولا مثل الزنا وإنما مقدمة الزنا ليس غير ذلك حين تفعل على وجه المراودة.
جواب السؤال الرابع
تدخين اللفائف أو التدخين بواسطة الغليون أو الارجيلة من نبتة الطباق أمر حديث جداً لان أصل نبتة الطباق جاء الى العالم القديم بعد إكتشاف أمريكا من قبل الرحالة كرستوفر كولمبس فنبتة الطباق هي شيء يقينا والاصل في الاشياء الحل ولا يصار الى حرمة شيء من الاشياء إلا بدليل خاص أما دليل الاصل فهي آيات التسخير تسخير ما في الارض وما في البحر وما في الجو وما في السماء والقائلون بالتوقف ومعرفة حكم الله قائلون بخلاف سنة الحياة من جهة ومخالفة عموم الدليل من جهة أخرى على أن المراد بأن الاصل في الاشياء الحل فإنه لا يشمل الاعمال وإنما الاصل بالاعمال معرفة الحكم الشرعي والتدخين واقعه انه من الاعمال وهو من أعمال الخلقة لان حقيقته أنه مص للفافة التبغ والمص مباح لانه من أعمال الخلقة فيكون تدخين اللفائف من نبتة الطباق مباح.
والقائلون بحرمة التدخين يأتون بواقع الضرر والضرار أو واقع عدم الانتفاع به أو واقع الرائحة الكريهة أو واقع الانفاق عليه متلفة للمال أو تبذيراً له أو واقعه أنه يترك الانفاق على اولويات ليشتري هذه اللفائف وهذه كلها هي نفسها أحكام شرعية تتجاوز اللفائف كواقع فلا تصلح للتدليل على حرمة الطباق أو حرمة التدخين ولهذا فإن الصلاة وعلبة السجائر في الجيب فهي صلاة صحيحة.
على أن النجاسة حكم آخر غير حكم التحريم فكونها حرام عند علماء وليسوا أهل اجتهاد لا يعني الحكم على لفائف الطباق بالنجاسة فيكون المصلى طاهراً مع حمله علبة الطباق ولا يقال أن معنى ذلك أن حمل الخمرة والصلاة وهي في الجيب جائز لان نجاسة الخمرة هي نجاسة حكمية لا يقال ذلك لان حمل الخمرة حرام بخصوص الدليل فحاملها ملعون والمحمولة اليه ملعون مع جواز الصلاة وهو حامل لها.
جواب السؤال الخامس
جاء في الآية 23 من سورة النساء والآية متعلقة بمحرمات النكاح وسنة المصطفى صلوات الله عليه بينت محرمات أخرى للنكاح مثل الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها مهما علت العمات والخالات جاء في هذه الآية { وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم } قسم من الآية 23.
شروط حرمة بنت الزوجة الدخول بأمها وهو غير العقد عليها سواء كانت في حجره أو لم تكن في حجره وإضافة الربائب الى الحجور هي على التغليب في واقعها لا انه شرط ثان في تحريمها والربائب اللاتي دخل الرجل بأمهن يحرمن تأبيداً على الرجل لا على أبنائه فبنت الزوجة تجوز لإبنه بدون حاجة لهذا التذكير والدخول أعم من الوطئ فهو مجرد الخلوة الشرعية سواءً حدث وطئ أو لم يحدث . أما النساء التي عليه الاباء ويحدث الموت قبل الدخول بها فإنها محرمة على التأبيد على الابناء لقوله تعالى: { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم } سواء أكان مع العقد وطئ أو لم يكن ومع أنه نكاح يراد به الوطئ ويراد بها العقد والاكثر إستعمالاً في القرآن العقد فيبقى النص على عمومه العقد أو الوطئ لانه لا يوجد مخصص يخصصه بالوطئ.
جواب السؤال السادس
قبل الدخول الى جواب هذا السؤال لا بد من تحديد بعض المفاهيم في أمر العورات والنظر اليها فعورة المرأة تحددت تحديداً واضحاً في القرآن الكريم والسنة النبوية المعلومة من الدين بالضرورة فعورة المرأة المسلمة الحرة هي كل جسمها ما عدا الوجه والكفين والقدمين وكل من يدّعي خلاف ذلك فإنه يقوله بلا دليل وحكم هذه العورات الستر في كل مكان فيه رجال أجانب عليها والستر واجب على المرأة وحين وجودها وهي كاشفة لبعض من عورتها في مكان يجب عليها الستر شرعاً فتكون آثمة أما النظر الى العورات فله أحكام فإن كان في محل تبذلها أي بيتها أو توابع بيتها أو مكان من طبيعته أنه خالٍ من الرجال كالحمام العام الخاص بالنساء أو الخلاء الذي يطرقه الرجال على قلة أو ندرة أو المسبح الخاص بالنساء فإن على الرجل الذي نظر عورتها في هذه الاماكن حكم نظرة الفجاءة أي له الاولى وعليه غض البصر كاملاً بعد ذلك ولا إثم عليه في نظرة الفجاءة ولا عليها وعليها إن كان المكان ليس خاصاً بها أن تستر عورتها حين شعورها بوجود الاجنبي، أما اذا كان المكان خاصاً بها أو خاص بالنساء فإن على الرجل المبادرة بترك المكان فوراً أما اذا كان النظر في مكان واجب عليها فيه الستر فهي الآثمة ولا إثم على من نظر اليها سواء النظرة الواحدة أو تكرر النظر أما غير المسلمة فإن النظر الى ما كشفت من عورتها فلا إثم على الناظر عليها لان أحكام لباسها وإن كانت مطالبة بالاسلام عموماً إلا أن الاحكام التي تطبق عليها في الدنيا هي لباسها عامة ضمن النظام العام أي أن أحكام اللباس لغير المسلمة الحرة هي أحكام أخرى والامر بالستر خاص بالمسلمة الحرة وأما تركيز النظر على الوجه فهو ليس بعورة سواء أكان الوجه وجه مسلمة أو كافرة فإن التركيز من كل من الرجل المسلم على المرأة كجنس والمرأة المسلمة على الرجل كجنس حرام لقوله تعالى: { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن } فالغض من البصر وليس غض البصر كله لا يمكن وقوعه على العورة الواجبة الستر بل يقع على الوجه المكشوف ولهذا لا إثم على السائل على أن يفهم أن المباح هو مجرد النظر العادي أما النظر الذي يحمل في طياته معنى فهو حرام في ظروف معينة وظروفه كما وصفها لا يحرم عليه النظر.
___________________________
كتاب غير مكتمل * * *