قراءة في الفكر الماركسي الحديث
اثارات للتفكير
تساؤلات؟!
* المحور الاول :
١- هل الماركسية حق ام باطل؟ وما هو معيار الحق من الباطل؟
٢- هل هي مشروع نهضة ام مجرد توهم؟!
٣- هل للماركسية واقع مدرك ام هي خيال ووهم؟!
* المحور الثاني :
١- اسماء عديدة والمسمى واحد، هي الماركسية نسبة لماركس ، وهي المادية لإنكار مفكريها أي وجود غير الوجود المادي، وهي المادة العلمية إذ مفكروها يقصرون البحث العلمي على المادة فهم يجعلون المادة مصدر التفكير، لا موضع التفكير، وهي الشيوعية لتفسيرهم مسيرة المجتمعات وعلاقات المجتمع بأنها صراع طبقات وستصل حتماً لا محالة الى المرحلة الشيوعية وهي الاشتراكية لأن الشيوعيين وجدوا بعد المرحلة الرأسمالية، وبسبب نضالهم انتقل المجتمع الاقطاعي الروسي الى مرحلة الاشتراكية مع ملاحظة ان هذا الانتقال في حالة مخالفة للمادية التاريخية، إذ تم انتقال مجتمع اقطاعي وليس مجتمعاً صناعياً متقدماً ولم يتم الانتقال عبر نضال الطبقة العمالية بل تم عبر ثورة دموية هائلة بمساعدة من نظام المانيا لاخراج روسيا القيصرية من ساحة الحرب العالمية الاولى المعلنة آنذاك اما اسم اليسار فقد جاء الى الماركسيين من خلال انهم معارضة للانظمة الرأسمالية.
* المحور الثالث :
١- ماهي العلاقة بين الماركسية والامة الاسلامية؟ هل يمكن للأمة الاسلامية ان تقبل الماركسية وتتبناها كمشروع نهضة؟
٢- هل الاسلام فعلاً لا يصلح لإنجاز مشروع النهضة؟
٣- ما العلاقة بين الماركسية والمركزية الغربية المستعلية؟
٤- هل الشيوعية السوفيتية غير الماركسية؟
٥- الامة الاسلامية امة عريقة، يستحيل اخراج الاسلام من حياتها واقعياً، اما نظرياً ففي الامكان التحول عنه، وهي تعبر عن الاسلام الكامن فيها بصور مختلفة، (١) صورة التدين المخالط بالكهنوتية الجزئية (٢) صورة رد الفعل القتالي غير المنتظم المؤدي الى قتل الابرياء (٣) صورة الاغتيال السياسي بعلة الاتهام بالردة والزندقة، (٤) صورة التوظيف القتالي لصالح الغربيين ضد الشيوعية او شبهة الشيوعية على اعتبار ان الشيوعية ملاحدة يعتدون على الدين وان الرأسمالية الغربية مقرة بالاديان (٥) صورة الوعظ بالآخرة وتعطيل الحياة الدنيا (٦) صورة التعلق بالملاحم (الاحداث القدرية) وممارسة الانتظار (٧) صورة العمل لإعادة النموذج الراشدي مع الايمان بأن هذه العودة هي وعد الله (٨) صورة الامشاج والاخلاط المتشكلة من كل الصورة السابقة او من بعضها (٩) صورة المشروع الحضاري من خلال الانقلاب الفكري على الواقع وتغييره بقوة الارادة والسيادة العامة لمجمل الامة واقامة دولة الامة الاسلامية لتكون الدولة مظلة عدل يستظل بها الابرار والفجار والكفار (اهل الذمة) ويكون الابرار اكثر الناس كدحاً، وليسوا اكثر الناس منافع وامتيازات (مشروع العدليين (المعتزلة) للنهضة).
لقد جند الشيوعيون انفسهم لوصف الاسلام بالرجعية والتأخر وبالتالي خدموا الغرب خدمة جلى عجز عنها الغربيون.
* المحور الرابع :
١- على ماذا اعتمد الماركسيون في وصف الماركسية بالعلمية؟
٢- هل الانتفاع بالعلم سواء اكان العلم مجرد نظرية ام كان العلم قوانين وحقائق حكر على الماركسية؟ وهل العلم ناطق لصالح الماركسية؟ أليس ذلك دعوة دوغمائية؟ هل فعلاً تؤدي النظريات العلمية الى الالحاد؟
٣- كيف تعاملت الماركسية مع الاسئلة الطبيعية الانسانية، وهذه الاسئلة هي :
* من اين اتيت؟
* ولماذا جئت؟
* وماذا يفعل بي بعد الموت؟
* المحور الخامس :
١- هل النظرية المادية في تفسير الوجود مقنعة للعقل ويطمأن اليها القلب وتؤدي الى ثلج الصدر؟
٢- من اين تستمد المادية اليقين المعرفي؟
٣- كيف يمكن توكيد دعوى الماركسية انها معنية بتغيير العالم في علاقاته؟
٤- مع ملاحظة فشلها وهي تعتلي القمة كيف يمكن التسليم بإمكانية تحقيقها ذلك؟
* المحور السادس :
١- ماهو معتمد الماركسيين لوجود عملية تغيير ام هو الاستمرار بالركض وراء السراب؟
٢- ما علاقة الوعي الانساني في ايجاد منظومة علاقات المجتمع؟
٣- هل الوعي مقتصر على الوعي المادي؟
٤- هل يمكن للعالم الاسلامي تحديداً قبول بناء وعيه على الاساس المادي (الملحد)؟ لا بد من ملاحظة ان المجتمع الحاضر ينظر للتحولات التي احدثها الاسلام في الفرد والمجتمع والدولة والعلاقات المحلية والدولية بأنها علاقات مثالية ( لا علاقة لكلمة المثالي هنا بالفلسفة المثالية)!.
٥- معرفة النشأة او التكوين او الخلق لا تأت من دعوى تسعى لتسويغ اثبات النشأة المادية للكون مرتكزها المغالطات والعجب ان يرفض الماديون السؤال المشروع عن الخالق، مع ان اسناد الحوادث الكونية للأسباب الفيزيائية او البيولوجية او الفلكية ليس امراً علمياً إذ هو مجرد تفسير للظاهرة من حيث هي وليس تفسيراً للوجود.
٦- اسناد وجود الكون من حيث هو– ظاهرة مقهورة للقوانين ومتسقة مع بعضها ومحكمة - للقادر العالم الحي الواجب الوجود امر حق والقادر العالم الحي الواجب الوجود (هو الله تعالى) بينما اسنادها للحركة انما هو اسناد للعدم المحض فالحركة نفسها تحتاج لبيان سببها.
٧- ليس شرط الوعي ان يكون الواعي ملتزماً بالتفكير المادي فيؤكد حقائق فكرية مفسرة للوجود من مادة صماء، فالاحساس بالمادة الصماء بواحدة من الحواس لا يؤدي الى وجود الوعي وانما يؤدي الى استرجاع الصورة إذا ارتبطت بما يشبع او يؤلم هذا إذا لم يتلقن معلومات عنها أي سيبقى طرزان الادغال فالعقل مكتسب في البداية من التلقين فإذا تكونت عنده جملة من العلوم صار عاقلاً مفكراً يتمكن من ان يكون واعياً، وهذا الاسترجاع الذي سبق ذكره فلا يسمى وعياً وانما هو ادراك غريزي يشترك فيه الانسان والحيوان وليس شرطه ايضاً ان يلتزم بالتفكير المثالي لتفسير الوجود إذ هو يفتقد لشرط موضوعي للتفكير وهو وجود الواقع المادي.
٨- الوعي شرطه البحث الفكري البسيط من خلال العقل الناظر- وهذا امر في قدرة البشر عامة وليس فقط مجموعة النخبة - بتوجيه النظر والتفكير نحو عالم الشهادة.
٩- الدعوى التي يدعيها الماديون من قسمة الفكر الى مادي ومثالي لا واقع لها بل هي بسبب جعل معطيات الفكر الغربي وحده المرتكز في اصدار الاحكام فالمركزية الغربية كعبتهم.
١٠- تحاول العشيرة العلمية دائماً وباستمرار البحث عن كيفية نشوء الكون وتفسير ظواهره واكتشاف قوانينه ومع تقدم الابحاث المتعلقة بالكون ومع دقة العلم في معرفة القوانين الرياضية المعقدة الا ان العلم بقي عاجزاً عن تفسير نشوء الكون دون رد النشوء الى ارادة قادر عالم.
١١- رغم ان العشيرة العلمية تعطي للعلم اهمية كبرى وتراه الطريق للسيطرة على الطبيعة لصالح الانسان الا ان كثرة من اعضاء العشيرة العلمية يرفضون رفضاً حاسماً التفسير المادي للنشوء ويرفضون ايضاً التفسير المادي للتاريخ.
١٢- الدكتور صادق جلال العظم شخصية مشهورة ومعروفة، فهو استاذ اكاديمي ومحاضر له حضور في المؤتمرات الممولة من الجهات الغربية، وعادة ما يكون بطل الحوارات في الجهة المقابلة والمضادة للاسلام (الوعي التام يؤكد القول بأن صادق جلال العظم يقف ضد الاسلام وبحالة فقدان للنزاهة والعلمية) أي هو لا يقف ضد قراءات تحريفية او قراءات تمنع الانشاء والارتقاء او قراءات تجعل مقولات السلف مقدسة انه بصورة بسيطة يعلن الحرب على الاسلام، له العديد من الكتب الموجهة ضد الاسلام منها :-
* نقد الفكر الديني المساواة بين الاسلام - وهو من حيث التنزيل دين - وبين المسيحية واليهودية وهما دينان محرفان ملغيان امر غير علمي، وغير موضوعي وغير فكري، ولا يمكن نصب الادلة على ذلك ، (لكن العظم في كتابه نقد الفكر الديني قال ذلك وأصر عليه بالمغالطة).
* دفاعاً عن المادية والتاريخ (كتاب دافع فيه عن المادية، بشقيها: النظري والتاريخي من زاوية فلسفية تقود جملها وأفكارها المركزية الغربية).
فقرات منقولة حرفياً من كتاب (دفاعاً عن المادية والتاريخ)
من ص (١٠٠-١٠٦)
كتاب العظم (دفاعاً عن المادية والتاريخ) هو كتاب فلسفي فيه ثلاث محاورات فلسفية جرى الحوار باللغة الانجليزية بين عفيف قيصر كسائل ومحاور لجلال صادق العظم وكلاهما ينتمي للفكر المادي، المادة الرئيسية للكتاب هي للعظم، وهو الذي قام بترجمته للعربية، وتم نشرها من قبل دار الفكر الجديد وهي كما يظهر دار مختصة بنشر الفكر الماركسي وما يسمى بالابداعات الادبية التي يقبلها الماركسيون هنا لابد من تذكير الماركسيين ان التوجه نحو الابداعات الادبية الملتزمة وغير الملتزمة لا يمكن ان يؤدي الى تفعيل قوة التفكير او القوة النضالية لا في مجمل الامة ولا في بعض منها ولن تكون قوة تفكير او قوة نضالية حتى عند نفس منتج الابداع الادبي وهذا يفسر المواقف الاعلامية والسياسية الغربية تجاه هذه الاعمال إذ تقوم بالدعاية والتأييد ومنح الجوائز وتسهيل الحصول على الجنسية الغربية للقائمين بمثل هذه الاعمال نعم! هي تنتج لذة عند القارئ وفخراً عند المنشئ ولن يتجاوز اثرها ذلك.
الحوار
قيصر : حين اشرت الى ماركسية سارتر، لم اقصد استباق المسائل، التي سنتناولها في حوارنا. والآن اريد ان اطرح عليك سؤالاً مباشراً وفجاً الى حد ما. توافقني ، على ما اعتقد، انه بإمكاننا ان نوجز الاشارة الى الثنائيات المتعارضة التي هاجمتها بثنائية الانسان/ الطبيعة حيث يندرج تحت الشق الاول منها مسائل مثل الذات، التاريخ ، المجتمع ، الوعي ، الفعل، الفلسفة المثالية الخ، أي كل ما ضمنته انت في ما اسميته مجازاً "بروح الماركسية". كذلك يندرج تحت الشق الثاني منها مسائل مثل الموضوع، الواقع المادي، الانفعال، الفلسفة المادية الخ، أي ما ضمنته انت ايضاً في ما اسميته " بجسد الماركسية" يتلخص سؤالي المباشر بالتالي : ما هو الانسان في نظرك، اذن؟
(يرجى من القارئ التمعن والتدبر بالسؤال مع ملاحظة ان مفردات الخطاب لا علاقة لها من ناحية معرفية بمفردات تراث الامة والآن مع اجابة العظم على هذا السؤال الحواري).
عظم : سؤالك هام جداً، وبخاصة في هذا السياق وهو ليس بالفجاجة التي تتصورها. لكن قبل اجابتي المباشرة، وغير الفجة على ما ارجو، اسمح لي ان ارجع قليلاً الى ما ذكرته انت عن نقد ماركس لمادية فويرباخ في الاطروحات الشهيرة. قراءة انتاج بعض شراح الاطروحات ممن ينتمون الى مدرسة " الماركسية بلا مادية" تجعل الواحد منا يظن وكأن نقد ماركس ل فويرباخ ما كان يهدف الا الى اعادة الاعتبار الأنطولجي الى الثنائيات المتعارضة اياها (انسان/ طبيعة ذات/ موضوع الخ) بغرض تأكيد دور "الذات" مجدداً بصفتها فاعلية "روحية" تتدخل في الطبيعة وتحولها من مواقعها المستقلة تماماً، كما تصنع التاريخ وتحول المجتمع من منطلقاتها المتعالية الخ.
في الواقع يتعامل هؤلاء الشراح مع اطروحات ماركس النقدية وكأن القصد منها هو التأسيس الضمني لنوع معين من الفلسفة الحيوية التي تعيد الاولوية الى أنطولجيا الذات وأبستمولجيا الذات ومنطق الذات ايضاً، على طريقة الكنطية الجديدة.
في مواجهة هكذا قراءة متعسفة للاطروحات علينا ان نذكر دوماً ان ماركس مر بمرحلة وقع فيها بقوة تحت تأثير مادية فويورباخ وعد نفسه لفترة قصيرة فويورباخيا اصولياً مخلصاً ومتحمساً . تعبر الاطروحات في رأيي، عن تمرد ماركس على هذه المرحلة وعن خروجه منها باتجاه فلسفي أرقى سوف تبدأ صياغته الدقيقة والمتأنية في كتاب " الأيديولوجيا الألمانية" بعبارة ادق تمرد ماركس في الاطروحات على الابستمولوجيا المنفعلة المترتبة على مادية فويورباخ الساكنة والاستكانية حيث المعرفة ليست اكثر من تسجيل لحركة الواقع الخارجي في الذهن البشري.
كان من الطبيعي ان يعبر ماركس عن هذا التمرد بتأكيده ان الواقع، بخاصة الواقع الاجتماعي والتاريخي، لا يعرف حقاً الا استناداً الى فعل البشر فيه وعملهم التحويلي له، وهذا ما تعنيه الماركسية عادة " بالبراكسيس" بأبسط معانيه واكثرها اولية. أي ان الاولوية في المعرفة هي للفعل وليست للتأمل والتجريد على ان يكون واضحاً أن المقصود بالفعل والعمل هنا صيرورات مادية حقيقية تتحرك وتحرك تتأثر وتؤثر وليس مجرد تجليات روحية " للذات الفاعلة" او خيارات حرة قامت بها او صنعتها تلك الذات.
هنا يكمن الفارق بين فكرة البراكسيس وفكرة "الفعل الاجتماعي" في التنظير السوسيولجي غير الماركسي المعاصر. يتمركز الفعل الاجتماعي عند تالكوت بارسونز مثلاً كما في كتابه الشهير "بنية الفعل الاجتماعي" في الذات الفردية واختياراتها التي لا تقبل الارجاع الى أي عنصر مفسر آخر سابق عليها او اكثر بدئية منها في حين يتمركز البراكسيس في الصيرورات التحويلية المستمرة والمتصلة التي يجد البشر انفسهم منغمسين فيها على الاصعدة الاقتصادية والسياسية والثقافية الخ. كذلك يجب ان يكون واضحاً ان ماركس بقوله هذا لم يستحدث جديدا ً او يبتكر فكرة لم يسبقه اليها احد.
كلنا يعرف الاهمية الحاسمة التي تحظى بها مسألة أسبقية الفعل على التأمل في ملحمة غوته المعروفة طرح فاوست الترجمة الحديثة للآية الاولى في انجيل يوحنا على النحو التالي : " في البدء كان الفعل" بدل من " في البدء كان الكلمة" ونجد الفكرة ذاتها عند هيجل وان كان بغلافها المثالي - الروحي المعتاد. في القسم (ب) من " فينومينولوجيا الروح" الذي يحمل عنوان " الوعي الذاتي" يوكد هيجل ان فعل الانسان في العالم بقصد تحويله بما يتفق ويتلائم مع رغبات الانسان الفاعل هو مصدر اكتسابه للحد الادنى من الوعي لذاته كموجود متميز عن باقي العالم.
او بتعابير اكثر هيجلية لا يكتسب " وعي الذات موضوعيته" الا عبر الفعل في العالم.
أي لم تعد الذات مجرد فكر كما كانت عند ديكارت ( وهذا تقدم هام حققه تطور الفلسفة الحديثة) بل اصبحت ذاتاً فاعلة قبل ان تكون ذاتاً مفكرة فحسب،وان بقي مستوى الفعل عند هيجل لا يتعدى عالم الروح. لذلك اقول ان من يرى في قيام ماركس بإعادة الاعتبار للذات الفاعلة في مواجهة مادية فويورباخ الغاء للاولوية الأونطولوجية والزمنية والسببية للموضوع المادي على الذات الفاعلة والواعية، او الغاء لأولوية المستوى الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الثقافي والايديولوجي، او الغاء لأولوية المستوى البيولوجي على المستوى الاقتصادي والاجتماغي او الغاء لاولوية الفيزيقي على المستوى البيولوجي يكون قد حصل على فلسفة مقلوبة، ولكنها ليست ماركسية كارل ماركس بالتأكيد. التشديد على هذه الاولويات يبقى جزءاً لا يتجزأ من اية مادية مهما كانت اوصافها اساكنة كانت ام تاريخية ام جدلية ام علمية فقط.
ويستمر العظم قائلاً :-
الآن سأحاول الادلاء برأي حول سؤالك: ماهو الانسان ؟ في اجابتي سوف استوحي فكرة وردت عند ماركس في " الأيديولوجيا الألمانية" حيث يقول في معرض تعليقه على مسألة تعريف الانسان، باستطاعتنا تمييز الانسان عن الحيوان بواسطة الوعي او الدين او الفكر او أي شيء آخر قد يخطر على البال، لكن الانسان الفعلي ميز نفسه، حقاً وليس وهماً او تعريفاً ، عن الحيوات ابتداء باللحظة التي شرع فيها بانتاج وسائل بقائه وعيشه.
بعبارة اخرى ليس اسهل عليّ من ان اعرض عليك مجموعة من التعريفات التأملية او الفلسفة الابريورية للانسان ابتداء بالتعريف الكلاسيكي " الانسان حيوان ناطق" وصولاً الى تعريف هايدجر القائل " الانسان = الدازاين" او هو ما لا يجوز ان نسأل عن تعريفه. اعتقد ان هذه الطريقة في الاجابة اثبتت عقمها ولا جدواها لانها لا يمكن ان تزيد الانسان معرفة بنفسه بحكم صورتيها الساكنة ونزعتها الابريورية الخالصة. مثل هذه التعريفات لم تؤد في السابق ولا يمكن ان تؤدي في المستقبل الى اكثر من جدل بيزنطي لا ينتهي حول أحقية كل واحد منها بالقياس الى التعريفات الاخرى. الطريقة المجدية التي المح اليها ماركس - وهو ليس وحده بطبيعة الحال- تتلخص في الرجوع الى دراسة الوقائع الفعلية التي تميز الانسان بواسطتها عن الحيوان، فأضحى عبر عملية تطورية تاريخية مديدة الانسان الذي نعرفه الآن!!!.
طبعاً، توجد علوم متخصصة كثيرة تدرس هذه الوقائع وتبحث في العملية التطورية المذكورة، في رأيي لا يجوز ولا يحق لأي مفكر حاد اليوم الادلاء باجتهاد يريده مدروساً وعلمياً الى حد ما حول الانسان دون الرجوع الى بعض هذه العلوم واستشارة ما حصلته من معارف وما وصلت اليه من نتائج على اقل تعديل. بعبارة اخرى هل يحق لأي منا مع اقتراب نهاية القرن، تقديم اجوبة على السؤال المطروح تهمل المعارف التي تراكمت لدى علوم متقدمة تتناول الانسان بأصله وتطوره وتاريخه ومجتمعاته ومؤسساته وحضاراته؟ هل يحق لأي منا اقتراح اجوبة جميلة وتعريفات كيفية من عندياتنا الفلسفية؟ (مثل) الانسان حيوان متدين، الانسان حيوان خرافي، الانسان حيوان ضاحك، الانسان حيوان صانع للادوات، الانسان حيوان لا ريش له ويمشي على قائمتين.
تقديم اجوبة على السؤال المطروح تهمل المعارف التي تراكمت لدى علوم متقدمة تتناول الانسان،الى آخر اللائحة مهما ما تقوله لنا علوم مثل : البيولوجيا التطورية، النيورولوجيا، فيزيولوجيا الدماغ، الانثروبولوجيا، السيكولوجيا، السوسيولوجيا، المورفولوجيا الخ!!!!...
في نظري لا يوجد جواب بسيط وسريع (جامع مانع) على السؤال : ماهو الانسان؟ بعد ان يسأل العظم نفسه هذا وبعد تقريره لصعوبة الجواب مع هذا فهو قد اجاب قائلاً : الموجود هو جواب مركب معقد متشعب بني على خلاصات المعارف العلمية المتراكمة وهو جواب خاضع باستمرار للتعديل والتدقيق والتقريب واعادة النظر على ضوء تطور المعرفة العلمية بالانسان وغير الانسان وتقدمها.
هذا هو القسم الاول من اجابة العظم عن السؤال وسيأتي القسم الثاني بعد ذلك لكن الا يظهر انه مجرد كلام ؟! الانشاء حشوه، معناه في كلماته، فلا مفهوم له، ولا دلالة، ابقي الحيرة هي قائدة البحث!.
القارئ الكريم : المرجو منك تدبر هذه الاجابة الطويلة المعقدة (لسؤال بسيط) السؤال هو : (ماهو الانسان؟) هل فعلاً تستحق الماركسية ان توصف بأنها مشروع نهضة انها فعلاً مشروع تضليل وغفلة! لقد ادار الماركسيون المسلمون من حيث الموروث والعرب من حيث اللسان والتاريخ والثقافة ظهرهم للأمة وتراثها، لقد تحولوا بعد انهيار الشيوعية السوفيتية الى دعاة للحياة الغربية بكل تفصيلاتها الديمقراطية بمفهومها الغربي المصنع خصيصاً للعالم الثالث التعددية الحزبية (تشرذم ألامة) الحريات بمفهومها الغربي ( عند البعض منهم تحفظ على الحرية الاقتصادية) (البعض الآخر او الاكثر منهم الاستعانة بأموال الغرب وخاصة الامريكان) الدعوة لحقوق الانسان والنظرة لهذه الحقوق بنفس النظارة الامريكية (اختلاف بعضهم مع الامريكان انما هو حول مفردات وليس حول النظرة الامريكية) الدعاية علناً للشرعية الدولية وهذا يعني انهم يقرون لاسرائيل بحق الوجود حسب قرارت الامم المتحدة ويقرون ايضاً بتجزئة العالم الاسلامي وتجزئة العالم العربي ايضاً القضايا الثلاثة الكبرى لا تعني الماركسي وهي:
١- التحرير: تعني كلمة (التحرير) تحرير الامة على مستوى الارادة العامة وتحريرها على مستوى السيادة العامة أي عدم ارتهان القرار السياسي لغير المصلحة العليا العامة والعادة ان تحديد المصلحة يخضع لوجهة نظر الامة فالارادة والسيادة غير قابلين للتنازل او التجزئة.
٢- الماركسي لايهتم بهذه القضية فاهتمامه منصب على تطوير اداة الانتاج لتكتمل حلقة التباين الطبقي فيحدث صراع الطبقات ويرون الانتصار الحتمي للطبقة الكادحة.
٣- الوحدة : تتجلى المطالبة بالوحدة في ثلاثة مشاريع (١) وحدة الهلال الخصيب وهذه مطالبة القوميين السوريين وطمح الملك عبد الله لها وقيل عن وصفي التل انه عمل لها ووصفت عند البعض بأن هذا المشروع من عمل الاستعمار الانجليزي (٢) وحدة الوطن العربي لاعتبارات مختلفة عند طالبيها (٣) الوحدة الاسلامية. اما كيفية التوحيد عند اصحاب هذه المشاريع الثلاثة فتراوحت بين الوحدة الاندماجية التامة بلا تفريق بين مركز وطرف والاتحادية (فدرالية) أي وحدة الدولة لا وحدة الامة وسيطرة المركز على الامن والاقتصاد والسياسة الخارجية والتنسيقية (كونفدرالية) وتعني عدم وجود أي شكل من اشكال الوحدة بل مجرد اجتماعات بين المسؤولين دورية او طارئة وخير مثل على ذلك الجامعة العربية ومنظمة العالم الاسلامي وتباينت الآراء في كيفية تحقيقها والتحدي قائم للماركسيين العرب ان في ادبياتهم مطالبة بالوحدة.
٤- الهوية : الامة العريقة هي امة ذات حضارة ومسار تاريخي لهذه الحضارة وهذه الحضارة تتعرض للحركة او الخمول وللابداع او التقليد وللتأثير بالحضارات الاخرى او عدم التأثير والحضارة قد تكون ذات ديناميكية او تفقد ديناميكيتها والحضارة ليست التراث او الفلكلور وان كانا نتاجها ببساطة الحضارة هي الحياة وهي ماض وحاضر ومستقبل والحداثة التي لا تنجزها حضارة الامة ثم تقبل استيرادها هو ضياع هوية الامة والماركسيون العرب دعاة هوية اممية ويصفون الهوية الاسلامية ب (الرجعية).
القارئ للحركة الماركسية قراءة تصف واقع الماركسية كما هي لا كما تتجلى في ذهن الماركسيين ستبرز امامه الحقائق التالية:-
* لم يتكون الماركسيون العرب بسبب اتصال الماركسيين بالحركة الماركسية اللينينية في مكانها، فرموز الماركسية الاول نقلوها عن ضباط انجليز، او عن اليهود المهاجرين والتحدي قائم للماركسيين (بأن يقوموا بكتابة تاريخ اوائلهم- المقصود الاوائل العرب- وبيان سندهم في تلقي الماركسية. الماركسيون انفسهم اصحاب دعوى بتأثر نبي الهدى محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وعلى اهل الكساء والابرار من ابنائهم الطيبين الطاهرين والمرضيين من اتباع النبي وسلم) بمعطيات النبوات السابقة فليس لهم الحق بازدواجية المكيال.
* دعوى العلم والعلمية وربط التقدم بهما هي عين دعوى المبشرين النصارى الغربيين أي (الغزو الثقافي) ليس هذا الكلام مراده رفض العلم والعلمية بل مراده وضعالامور بنصابها واعلان (ان العلم والعلمية هي ثمرة فعل نهوض حضاري (الحضارة نظام الحياة) وليس العكس بل الاخذ بالعلم والعلمية دون حالة حضارية مميزة للأمة تجعل الامة في محل التبعية لعدوها وهذا ماهو واضح الآن منذ غزو نابليون وحتى هذه اللحظة) المطلوب الآن انجاز المشروع الحضاري بوصله بتراث الامة لا بإحداث قطيعة مع تراث الامة.
* الاستقطاب : المقصود بالاستقطاب سعي الماركسيين لاحتضان اصحاب الشهرة، يعتبر الاستقطاب اخطر عمل قام به الماركسيون العرب ضد هذه الامة الخيرة فقد استقطب الماركسيون ما يسمى بالنخبة او الطليعة النضالية منها (الثقافية والاعلامية والواجهة النقابية ورموز المعارضة المدللة من قبل الحكم وهي طليعة فجة من حيث التفكير، ذاتية الهدف، تسعى للمال والشهرة، همها شهواتها، قام الماركسيون بوضعها تحت دائرة الضوء، فعلها الثقافي كتابة الرواية ذات المضامين الغربية، او نظم القصائد واصدار الدواوين الشعرية، موضوعها حالة شعورية عامة او حالة ذاتية نرجسية وخاصة شعر النساء ومن المعلوم ان افضل من كتب الرواية العربية نجيب محفوظ وافضل من كتب الشعر الحر بدر شاكر السياب لكنهما لم يقدما للحالة النضالية رفداً بل كانا عالة عليهما الخ معطيات الاستقطاب، حدث في مواجهة هذا الاستقطاب استقطاب آخر هو الاستقطاب الاسلامي السطحي الساذج وانحاز القوميون للاستقطاب الماركسي ولهذا فشل العمل السياسي والنضالي كلياً وخرجت الامة من معركة التحرير الوطني الى مزيد من التبعية وإذ موضوع الاستقطاب مهم جدا فلابد من تخصيص فصل خاص به.
القسم الثاني من جواب العظم
حول ماهو الانسان
قيصر : حتى هنا موقفك متوازن ومعقول وعلمي ايضاً، ولكني لم استشف منه أي ملمح لجواب ما على السؤال (المرجو ملاحظة التناقض) وكي لا يفهم موقفك على انه نوع من التهرب المؤدلج علمياً من مواجهة السؤال لابد من اطلب اليك شرحاً ما لطبيعة القناعة الفلسفية التي كونتها عن مسألة الانسان؟
عظم : قناعتي بسيطة ومبنية على بعض الحقائق العلمية الاولية : الانسان اعلى الرئيسات خرج من صيرورة نشوء الحياة على سطح الارض وتطور انواعها بقامة تميل الى الانتصاب الكامل وبدماغ حجمه كبير جداً، وجهاز عصبي مركزي عالي التعقيد قادر على توجيه اليد وضبط حركاتها ضبطاً محكماً مما شكل تحولاً نوعياً حقيقاً وجديداً، لم يسبق له مثيل، في تاريخ تطور الانواع الحية، هذا التطور العالي جداً للجملة العصبية، بالقياس الى الانواع الحية القريبة من الانسان رافقه انحسار كامل لانماط السلوك الغريزية المبرمجة وراثياً وبولوجيا لصورة مسبقة لصالح محركات جديدة مثل الحاجة والميل والنزوع والدافع ولصالح هيمنة آليات مثل التعليم وامكانية نقل ماتم تعلمه من جيل الى جيل، بطريق مغايرة كلية لطريق النقل الوراثي- البيولوجي المسيطرة سيطرة شبه كلية في باقي مملكة الحيوان، وبهذا المعنى الانسان هو الفرد العاري حقاً، أي العاري من محددات السلوك المبرمجة بيولوجيا، والغرائز الموروثة نوعاً والمحركات الجاهزة فيزيولوجيا، والتي تتمتع بها كلها باقي اجزاء مملكة الحيوان بصورة طبيعية وآلية، وان كان بدرجات متفاوتة من الدقة والسيطرة والتوجيه، بالمقارنة مع باقي انواع المملكة التي ينتمي اليها، يبدو الانسان اكثر الحيوانات ضعفاً وعجزاً ، واكثرها حاجة لغيره ولأعظمها اعتماداً على افراد جنسه، في الواقع انه الكائن الحي (المحتاج) بامتياز. بهذا المعنى الانسان ايضاً نقله نوعية حقيقية وجديدة في تاريخ نشوء الانواع وتطورها، (انه في وقت واحد : من صنع الطبيعة وانتاجها من جهة اولى، ومنفصل عنها ومنقطع عن آلياتها المعروفة من جهة ثانية) بطبيعة الحال حملت هذه النقلة النوعية خصائصها الفذة وقواها الكامنة الفريدة وطاقاتها وميولها المتميزة في اسلوب تفتحها وانماط تحققها التدريجي وتطورها الطبيعي والتاريخي اللاحق. في الواقع دخل الانسان عنصراً حاسماً وفاعلاً جديداً (في تطور الحياة العضوية التي انتجته اصلاً وفي تحديد شكل حاضرها ومستقبلها بحملة نمطاً جديدا من التدخل السببي المؤثر في الطبيعة والحياة العضوية معاً. في رأيي هذه هي القاعدة البيولوجية لمقدرة الانسان على التفاعل بطريقة جديدة تماماً مع بيئته الطبيعية ثم الاجتماعية. (أي) انها القاعدة المادية - الحيوية لمقدرة الانسان على الفعل التحويلي الهادف في الطبيعة . انها كذلك القاعدة المادية الأولى لنشوء كل ماهو انساني بامتياز. ونموه وتطوره : الحياة الاجتماعية، التاريخ ، الثقافة، الحضارة، الايديولوجيا، العلم ، الوعي ، وليس الوعي بمعنى وعي العالم واشيائه فحسب بل ايضاً بمعنى وجود هذا الوعي للعالم او غيابه.
(هنا ادرك العظم الصباح فسكت عن الكلام المباح!) يعلق عفيف قيصر على هذه الثرثرة الطويلة قائلاً : عفواً على المقاطعة الا ترى انك ابتعدت كثيراً عن ما المح اليه ماركس في الفكرة التي قلت انك استلهمتها؟ اقول هذا لان ماركس عالج مسألة الانسان من واقع عالم الاجتماع ومنظور التفسير العلمي للتاريخ (وليس من مواقع البيولوجيا كما تفعل انت على مايبدو).
التعليق على تفسير العظم لموضوع الانسان
ذلك هو تفسير العظم، لوجود الانسان (انه بعبارة بسيطة سليل القرود) وليس مهماً، ان يقيم العظم الدليل، إذ الدليل صعب للغاية، يعلم معنى مقولات الدليل، فيلسوف، او عالم بيولوجيا، او عالم اجتماع ، وهؤلاء لايقدمون الدليل القابل لوضع الاصبع على مدلوله فالدليل مجرد دعوى تفتقد العلمية إذ لا مكان له في المختبر فالعظم دون الخلق اجمعين خلقته الطبيعة وهيئته ليفكر ويدرك الافكار نيابة عن الناس كلهم.
من الضروري وجود وقفة هنا تلفت النظر الى الرؤية الكونية الاسلامية المبنية على العقل الناظر والرؤية الكونية المادية المبنية على (دوغما) تدعي العلم والعلمية!.
الرؤية الكونية الاسلامية
تتأسس الرؤية الكونية الاسلامية (كما مر ) على العقل الناظر ومعنى العقل الناظر العقل المكتسب أي تحصيل الانسان لجملة من العلوم (المعارف) مخصوصة بحيث يتمكن من النظر والاستدلال وهذا الاستدلال يعني الانتقال من الوجود المادي الحسي الى ما يعنيه هذا الوجود المادي الحسي فالعقل الناظر ليس عقلاً مثالياً وليس عقلاً مادياً وليس عقلاً يجمع المادي الى المثالي ان العقل الناظر يرفض الثنائيات الغربية السطحية الضحلة الفجة التي لا تلتقي ابداً .
العقل الناظر يبحث في الاشياء (الاجسام) من حيث المادة والطاقة، والوقائع (الحركة والسكون، الحياة والموت، النمو والضمور، الولادة والشيخوخة، القدرة والعجز، القوة والضعف، الصحة والمرض، المتغيرات في الشكل واللون والطعم والرائحة والملمس والرطوبة واليبوسة ودرجة الحرارة والوزن من حيث الثقل والخفة والبحث في نواظم الاشياء أي بحثها فيزيائياً وفلكياً وبيولوجياً مع البحث في اسباب وعلل هذه الوقائع ثم يأتي البحث في الحوادث: أي بحث الانسان كحالة واعية تصنع تاريخها الفكري والعلمي والوجداني، يتجلى الفرق بين الوقائع والحوادث في ادراك المثل التالي : عاصفة هوجاء تضرب سفينة فتغرق ويغرق من فيها او بعضهم فالواقعة ليست من صنع الانسان وقرن ذلك مع الحادثة التالية يهجم اليهود على بلدة في جنوب لبنان فيقتلون آمنين هذا هو الفرق بين الوقائع والحوادث وبهذه الابحاث ب (الاشياء والوقائع والحوادث) يصل الانسان الى الايمان الذي ينتج مشروع نهضة وليس الى الالحاد الذي لم ولن يثمر مشروع نهضة، وقد تكشف ذلك جلياً في الاتحاد السوفيتي إذ هزمته قياداته (اصحاب الياقات البيضاء) ولم تفعل القوى الاجتماعية شيئاً (وهي قوى مزعومة مدجنة للقيادة) تتألف هذه من الطبقة العاملة الكادحة : العمال والفلاحين (البريلتوريا).
رؤية القرآن الكريم الكونية
الماركسيون العرب ( وفيهم عدد لا يستهان به من النصارى واغلبية القياديين من النصارى) يقفون من الاسلام والقرآن الكريم والسنة النبوية والتراث الاسلامي والمسار التاريخي الاسلامي ليس موقف القارئ لمعطيات الاسلام قراءة نقدية تتبين الحق من الباطل في الافكار والصواب من الخطأ في الاجتهاد او في الاحكام والآراء والاعمال السياسية والادارية، ودراسة المسار العملي للامة الاسلامية في الشق النظري (التراث) والشق التطبيقي السياسات في الداخل ومانتج عنها من معمار ومعارف وعلوم وصناعات واكتشافات (انهم ينظرون لكل ذلك بمنظار اشتد سواده ويكيلون امر السيرورة الاسلامية بمكيال غير كيلهم لليهودية المسيحية وللحياة الرأسمالية الغربية وللتطبيق الماركسي اخيراً) والعلاقات الدولية خارجياً.
(القول حول كثرة النصارى في الماركسيين لم تأت بسبب نظرة طائفية وانما ترد نقداً لموقفهم من افكار القرآن إذ لايجوز بأية حال النظر للقرآن نفس النظرة للكتابين المقدسين (العهد القديم والعهد الجديد) للتباين الواضح بين هذه الكتب من جهة وبين كيفيات استعمالها مرجعية للتفكير واخذ الاحكام للمشاكل منها ولابد من ملاحظة ضحالة المعرفة عندهم حين تعلقها بالاديان الثلاثة مع زعمهم قراءة التاريخ الاجتماعي فهل التاريخ الاجتماعي الناجم عن تطبيق اليهودية او الناتج عن تطبيق اليهودية المسيحية المترومة هما عين التاريخ الاجتماعي للتطبيق الاسلامي حتى عند ظهور الجور والفساد والاستبداد في التطبيق.
___________________________