رابطة الأدب الاسلامي
بسم الله الرحمن الرحيم
رابطة الأدب الاسلامي
من أمين نايف ذياب الى الأستاذ مصطفى حيدر زيد الكيلاني -(أبو أنمار)(1)
(1) من كتاب السلفية المعاصرة/القسم الثاني
بعد التحية والتقدير
وصلتني رسالتكم ،التي لم تؤرخ ، ولم تعنون ، وهي طافحة باقوال لا صحة لها أبدا ، ويعوزها الدليل ، والبرهان ، والتوثيق ،أي الاشارة الى مصدر الأقوال التي تزعمها ، وكنت أظنك أنك على دراية بموضوع ايمانك، فاذا به مجرد أوهام ، وتخيلات وصدق الله تعالى ،اذ يقول : ((ان الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم ان في صدورهم الا كبر ماهم ببالغيه فاستعذ بالله انه هو السميع البصير))(غافر:56).
تقول أيها الأستاذ عن المعتزلة : الذين تميز مذهبهم بتأويل الصفات، وذكرت في نهاية الفقرة الأولى من الرسالة وميزت بينهم وبين غيرهم على ما زعمت فقلت : ان مذهب أهل السنه والجماعة عدم التأويل ، وأنهم يثبتون لله اليدين والعينين والوجه والاستواء ولا يتأولون ذلك.
ألا ترى أن هذا القول لا سند له من جهة ؟ ومن جهة أخرى ما هي الصفات التي يؤولها المعتزلة ؟ فهل هذه الكلمات الأربع التي ذكرتها في رسالتك وهي من التحريف والتخريف هي صفات؟ من المعلوم أن الصفة تقوم مقام الموصوف ،فلا تستطيع أيها الفاضل أن تقول :الله يد؛ ولكنك تقول: الله عالم وتقول: الله قادر، على أن يفهم أن المراد من هذه المعاني ليس اثبات معان متكثرة بالذات ، فالله لا يصح عليه كثرة معان في ذاتة،ومثل ذلك ليس تعطيلا للصفات كما يزعم الزاعمون، وانما هو نفي لافتقار الذات لمعان زائدة عن ذاته ، فالله ثابت له انه كمال مطلق ، ولكن لا يصح أن تقول : الله عينان،أو الله وجه،أو الله ساق ،أو الله قدم أو اصبع ، أو جنب، تعالى الله عما يقول المجسم أبو أنمار علوا كبيرا !!! وهذه قاعدة ضرورية للتفريق بين ما هو صفة وبين ماليس بصفة اطلاقا .قال تعالى :
(1) "سبحان الله عما يصفون" (المؤمنون:من الآية91).
(2) "سبحان الله عما يصفون" (الصافات:159).
(3) "سبحان ربك رب العزة عما يصفون" ( الصفات:180).
(4) "سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون"(الزخرف:82).
(5) "ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون"(الأعراف:180).
(6) "قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى"(الاسراء:من الآية110).
(7) "الله لا اله الا هو له الأسماء الحسنى"(طه:8).
(8) "هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم"(الحشر:24).
هذه الآيات تثبت أيها الشيخ أن لله أسماء حسنى هي ذاته وليست أوصافا متكثرة في ذاته فهو القادر والعالم والحي والقديم بمعنى نفي الحدوث عنه والغني والسميع والبصير ليس له مثيل أو شبيه قال تعالى : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير(الشورى:من الآيه 11) وقوله تعالى : ولم يكن له كفوا أحد (الأخلاص:4) ولهذا فان أهل التوحيد والعدل المعتزلة لا تجري على الله تعالى الصفات المختصة بالأجسام وليس الله محل للأعراض، وهذا هو التوحيد الحق وما هو غير ذلك باطل. وتقول أيها الشيخ الذي شاخ وعجز : ان مذهب أهل السنة والجماعة : عدم التأويل واثبات اليدين ....الخ ما قلت وهنا يطلب الأمر منك الجواب على سؤالين هما :
(1) من هم هؤلاء الذين تدعيهم بأنهم أهل السنة والجماعة ؟
(2) ما معنى الاثبات الذي تدعيه ؟
من المؤكد عدم معرفتك جواب السؤالين وأنا بانتظار جوابك. تدعي أيها الفاضل بعد نقلك من كتاب الفقه الأكبر، المنسوب زورا وبهتانا لأبي حنيفة، والظن أنك تجهل ذلك جهلا تاما، فهل قرأت عن الفقه الأكبر قول أهل التحقيق ؛ لا أهل التلفيق مثلك أيها الشيخ النعثل!! جاء في كتاب الأعلام لخير الدين الزركلي في ترجمة أبي حنيفة ما يلي : وتنسب اليه رسالة الفقه الأكبر (ط) ولم تصح النسبة.لكنك تقول : وقول أبي حنيفة هذا حجة ودليل على أنه لا يصح تأويل الصفات ويستمر الشيخ أبو أنمار في الهذربة اذ الكلام التالي كلامه : ويقال عليه غيره،فلا يقال (نزوله) نزول أمره،ولا يقال (استوى) أي استولى لأن هذا التاويل ابطال للصفة. والمؤولون بذلك ينفون الصفات .مرحى! مرحى! مرحى! لأبي أنمار فالصفات عنده ليست المشتقات من اسماء المعاني، بل هي الأبعاض والأفعال فهل ينزل واستوى صفات ، فهل معاني استوى وينزل عندك ايها الشيخ.....هي صفات له تعالى أم هي فعله ؟ ويظهر أنك لا تفرق بين اسم المعنى [المصادر بأنواعها] ؛ ولا بين المشتقات بأنواعها ؛ ولا بين الأفعال ؛ولا بين الجملة؛ وشبه الجملة؛ ولذلك لا تعرف الاثبات ؛ ولا النفي؛ الذي لا يكون الا في الجمل ؛ هذا حول دعواك في كون الأبعاض والأفعال صفات ، أما قولك :- بعد نقلك نصا مزورا على أبي حنيفة تعليقا عليه - وهو: وقول أبي حنيفة هذا حجة ودليل ..الخ الهذربة، فعليك أن تفهم وبجلاء أن قول أبي حنيفة -على فرض ثبوته أنه قوله - فهو ليس حجة ودليلا، في موضوع فقهي أما اذا كان في مواضيع في الأيمان ، فالعقل فقط هو الدليل الأصلي ، وفرعه هو قبول النص الذي أثبت العقل أنه كلام الله، الذي لا يفعل القبيح فلا يكذب أبدا.ذلك هو الرد المسكت لك و لأمثالك – من كرامية القرن الحادي والعشرين الذين تكاثروا في ربطة الأدب الاسلامي – حول نقطين : الصفات ، ورأي أبي حنيفة المزعوم.
قلت بعد ذلك ما يلي :
أما الشافعي فيعتبر التأويل تعطيلا؛ ومذهبه ترك التأويل؛ واثبات صفات الله، لتنقل بعد ذلك ماهو مدون ومحصور بين معكوفتين - زاعما أن الشافعي قال ذلك - فقلت على لسان الشافعي رحمه الله ، وأعاذه من وضع الكذابين عليه:[وقال لله أسماء وصفات جاء بها كتابه؛ وأخبر بها نبيه أمته لا يسع أحد ردها ؛ فمن خالف بعد ثبوت الحجة علية فهو كافر؛ لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل، ونثبت هذه الصفات وننفي عنها التشبيه كما نفاه عن نفسه ((ليس كمثله شئ))(الشورى:من الآية 11).فالسنه الاقرار بشهاده أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله. وأن الله على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف يشاء، وأن الله ينزل الى سماء الدنيا كيف يشاء.]انتهى اقتباس الأستاذ الشيخ عن الشافعي رحمه الله.
من أي كتاب نقلت عن الشافعي هذا القول؟ وهذه قائمة بكتب الشافعي.
(1) الأم : وهو في الفقه ، في سبع مجلدات، وهو مطبوع، جمعة البويطي،وبوبه الربيع بن سليمان.
(2) أحكام القرآن : مطبوع.
(3) الرسالة : في اصول الفقه مطبوع وله مخطوطة كتبت سنة 265هجري.
(4) المسند: وهو في الحديث مطبوع وهو كتاب لم يؤلفه الشافعي وانما استخرجه غيره من كتابه الأم.
(5) اختلاف الحديث : مطبوع.
(6) له كتب أخرى مفقودة مثل (السبق والرمي) و(فضائل قريش) و(أدب القاضي) و(المواريث).
(7) كتب عن الشافعي الكثير من الكتب، وزور عليه الكثير من المنقول ،فهل تعلم ذلك؟ وخفي من حياته عمدا مايلي : كون ابراهيم بن أبي يحيى شيخه، وكونه اتصل بيحيى بن عبد الله في اليمن، وكونه نقل مقيدا من اليمن الى بغداد.
لقد نقلت أيها الشيخ ذلك من وصية للشافعي مكذوبه عليه، سندها مجموعة من الكذابين، ومع التأكيد أن الشافعي لم يقل مثل هذا القول،ولو قاله لما كان حجة؛ بل لجرى الحكم على الشافعي بأنه من مجموعة أهل التجسيم،التي ضاهت اليهود بعقيدتها مثل:عبدالله بن أحمد بن حنبل، وعثمان بن سعيد الدرامي، والبربهاري، والخلال، وابن أبي عاصم، وابن بطه، والحسن بن علي بن ابراهيم الأهوازي، والهروي، وغيرهم من المجسمة الجدد:عودةالله بن منيع القيسي، وجواد عفانة، ومأمون جرار، وابوأنمار وغيرهم،أعاذ الله الأمةالاسلامية من أهل التشبيه والتجسيم.
وصف عبد الله بن أحمد بن حنبل أبا حنيفة في كتابه السنه بما يلي : [ كافر، زنديق، مات جهميا، ينقض الاسلام عروة ! عروة، ما ولد في الاسلام مولودأشأم ولا أضر على الأمه منه،وأنه ابوالخطايا،وأنه يكيد الدين، وأنه نبطي غيرعربي،وأن الخمارين خير من اتباع أبي حنيفه؛وأن الحنفيه أشد على المسلمين من اللصوص،وأن اصحاب أبي حنيفه مثل الذين يكشفون عوراتهم بالمساجد،وأن أبا حنيفه سيكبه الله بالنار!!!، وأنه أبو حنيفه، وأنّ استقضاء الحنفيه على بلد أشد على الأمه من ظهور الدجال، وأنه من المرجئه ، ويرى السيف على الأمه ، وأنه أول من قال القرآن مخلوق ، وأنه ضيع الأصول ، ولو كان خطؤه موزعا على الأمه لوسعهم خطا، وأنه يترك الحديث الى الرأي ، وأنه يجب اعتزاله كالأجرب المعدي بجربه، وأنه ترك الدين ، وأن أبا حنيفه وأصحابه شر الطوائف جميعا ، وأنه لم يؤت الرفق بدينه ، وأنه ما أصاب قط ، وأنه استتيب من الكفر مرتين أو ثلاثا ، واستتب من كلام الزنادقة مرارا ، وأن بعض فتاويه تشبه فتاوى اليهود، وأن الله ضرب على قبر أبي حنيفه طاقا من نار، وأن بعض العلماء حمدوا الله عندما سمعوا بوفاه أبي حنيفة، وأنه من الداء العضال ، وأن مذهب الحنفيه هو رد أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه يرى اباحه شرب المسكر وأكل لحم الخنزير ، وأنه فاسدا، وأنّ كثيرا من العلماء على جواز لعن أبي حنيفه، وأنه كان أجرأ الناس على دين الله، وأنّ أبا حنيفه كان يرى ايمان ابليس وايمان أبي بكر واحد، وأن حماد بن سلمه كان يقول : اني لأرجو أن يدخل الله أبي حنيفه نار جهنم].
ما سبق هو ما دونه عبدالله بن أحمد بن حنبل عن أبي حنيفه في كتابه السنه ص 184-210 جزء/1 وقد دون والده أحمد بن حنبل 31 فقره من هذه المقالات في كتابه العلل ومعرفة الرجال وكتب الخطيب البغدادي في كتابه تاريخ بغداد جزء 13 هذه المقالات فرد عليه الكوثري في كتابه (تأنيب الخطيب على ما ساقه في ترجمة أبي حنيفه من الأكاذيب).
تلك هي لمحة موجزة عن رأي من سميتهم أهل السنه والجماعة بأبي حنيفة وصدق الله فيكم : ((انكم قوم تجهلون)) (الأعراف : من الآيه 138).
لقد ختمت رسالتك باقوال لجدك الصوفي ت 561 هجري , وقد اتيحت لي الفرصة لأقرأ نبذه قصيرة عنه، فعرفت أنه حنيلي المذهب، أي هو مجسم وصوفي المنزع، وقوله الذي استشهدت به ، هل هو نص من نصوص الوحي أم هو قول من أقوال الرجال ؟ وهو كلام لا يحوي غير مقالات اليهود أعوذ بالله من قوله.
ختاما السلام عليكم وانصح الرابطة أن تبقى في حيز النص الأدبي وأن لا تتجاوز قدرها وصدق الله تعالى اذ يقول : "والشعراء يتبعهم الغاوون * ألم تر أنهم في كل واد يهيمون".