رحمه الله تعالى

المعتزلة المعاصرة

أمين نايف حسين ذياب

Get Adobe Flash player

البحث في محتوى الموقع

احصائيات

عدد زيارات المحنوى : 539246

تراتيب المواضيع النهضوية

 

بسم الله الرحمن الرحيم

من كتاب المعتزلة الجزء الأول

تراتيب المواضيع النهضوية من خلال نظرة المعتزلة المعاصرة يجب العلم وبوضوح أن الأدلة عند المعتزلة هي : العقل فالكتاب (القرآن) فالسنة فالإجماع .

(1) التفكير : إن أمةً لا تفكر بجملتها ، لا يمكن أن تنهض ، ذلك أن الفرق بين الإنسان وغيره من المخلوقات ـ المشاهدة وغير المشاهدة ـ إنما هو في التفكير ، والتفكير أنواع ودرجات ، ومستويات ، فهناك التفكير العادي : منه البسيط ، مثل إدراك وجود نافذة في البيت ، ومنه المركب ، مثل إدراك أن الزواج يحتاج إلى إمكانيات مادية ، وقبول من الطرف الثاني ، وهناك التفكير العميق ، وهو تفكير يعتمد على المنهج التجريبي بصورة أساسية ، وعلى  السبل التي تسلك للوصول إلى النتيجة ، والوسائل ، والأساليب ، والأدوات ، وهو تفكير ميدانه الوجود الملموس ، أو المدرك ، وهو محدد بظواهر الكون الموجودة : المادة ، والإنسان من حيث هو كينونة حية ، وليس من حيث هو مستخلف أو مكلف ، والحياة من حيث هي ظاهرة بيولوجية أو فسيولوجية ، أي إدراك الظاهرة كما هي ، والعمل على الانتفاع بالظاهرة ، أو اتقاء خطرها ، حقول هذه الظواهر الأساسية هي : الفيزياء ، وعلوم الحياة ، والفلك ، ولا بد من إدراك النظام الرياضي لهذه الظواهر ، وهذه هي أفكار العلم التجريبي المتعلق بالعناصر ، وللملاحظات والتجارب والاختبارات دور ضروري في إنتاج هذه المعرفة ، وهي معرفة متعلقة بتسخير الطبيعة لصالح الإنسان ، وقد نتج عن هذه العلوم جميع حقول التقدم العلمي ، التي أدت إلى تسخير الطبيعة لصالح الإنسان ، لكنها حملت في طيات هذا التسخير أفعال الشر ، وهي الأفعال التي أتقنها وتفنن بـها العالم الغربي ، تتربع على قيادة الشر الآن الولايات المتحدة ، والتسخير هو ما تعلق  بالزراعة والهندسة ،  والطب ، والكيمياء ، والصناعات المختلفة ، والتقدم التكنولوجي الهائل في الاتصالات ، بحيث جرى تسخير الكون لصالح الإنسان . مع إدراك كم من فساد وسفك دماء حدث بسبب سوء استعمال هذه المخترعات .

(2) الإيمانيات : تحتاج لفكر أساسي يتعلق بتفسير الوجود ، من حيث نشأته (الخلق) ومن حيث نظام الحياة الذي تلتزم به الإنسانية في مسارها ، ومن حيث المصير الذي سيؤول إليه الإنسان بعد نـهاية حياته ، وهو أمر ضروري للإنسان من حيث هو إنسان ، وللإنسانية وللمجتمع ، والتفسير أمام رؤى ثلاث هي : التفسير المؤمن ، وهو التفسير الحق ، وبه تنضبط مسارات الإنسانية ، فيقل الفساد وينحسر الظلم  ، التفسير الملحد التفسير الحيادي {العلماني غير الملحد} لكن الرؤى الثلاث لا يجوز أن تتوقف عند الفكرة التفسيرية مفردة ، فلا بد من رحلة مكملة لها ، يمكن وضعها تحت العناوين التالية : ـ
* الأفكار المتعلقة بالأساس وهذه لا تعدو واحدا من الأمور التالية : (1) لأنـها لازمة مثل بحث نـهج الاستدلال أي منهج المعرفة ، وبحث القضاء والقدر ، أي حرية الإرادة ، أو خلق الإنسان لفعله  (2) لأنـها ضرورية مثل عالم الغيب   (3) لأنـها مكملة مثل كيفية بناء الالتزام عند الفرد والمجتمع (4) لأنـها متولدة عنها مثل بحث التسبيب .

(3) الفكر الحركي : ويتعلق بإنتاج كيان الأمة ، والمحافظة عليه من الأخطار الداخلية والخارجية ، ومن هنا جاءت ضرورة الوعي السياسي ، ولا يجوز أن يكون الوعي السياسي مجرد فهم للأوضاع  السياسية ، أو إدراك للموقف الدولي ، أو معرفة للحوادث السياسية الوعي السياسي هو تدبر الإنسان لرعاية شؤونه ، وهذا يوجب النظر للعالم من زاوية خاصة والوعي السياسي غير الفكر السياسي ، والوعي السياسي لازم من لوازم الفكر الحركي وضروري للفكر السياسي .

(4) الفكر السياسي : يتعلق الفكر السياسي برعاية شؤون الإنسان ـ من حيث هو إنسان دون أي اعتبار للعرق ، أو القوم ، أو الدين الذي يدين به ، أو الطائفة التي ينتمي إليها ـ فالفكر السياسي الحق ، ليس لديه أقليات ، أو إثنيات ، أو طوائف ، أو عرق ، أو لون ، حين مباشرة الرعاية ، تتعلق الرعاية المطلوبة بما يلي :

ا ـ تأمين العيش للناس ، وحفظ أمنهم ، ورعاية كرامتهم ، وتأدية حقوقهم.

ب ـ شعور الأمة كأمة بالعزة والمكانة اللائقة .

ج ـ حصول المجتمع على الثقافة والعلم والتنظيم .

د ـ تنظيم علاقة الدولة بالناس ، بوجود دستور معروف أو معلوم أو مكتوب .

هـ - وضوح العلاقة الخارجية التي تسير عليها الدولة مع الأمم والشعوب الأخرى .

و ـ تبنى العلاقات الخارجية على الدعوة والقوة والتأثير .

(5) الفكر الفقهي : وقد يسمى التشريعي ، وقد يسمى القانون أو الشريعة ، والجزء المهم ما يختص بالعلاقات ، وهو  يسمى الآن القانون المدني وقانون الأحوال الشخصية ، والحقيقة الظاهرة أنه لا يجوز التفريق بينهما ، فهما معا قانون العلاقات ، يترتب على العلاقات حل النـزاعات ، وهي تحتاج إلى قانون يتعلق بالبينات ، ومن بعد هذا لابد من نظام للعقوبات فالفكر الفقهي هو : ـ

ا ـ نظام العلاقات .

ب ـ نظام حل النـزاعات .

ج ـ نظام البينات.

د ـ نظام العقوبات .

هـ - منظومة القيم .

(6) الفكر العلمي التجريبي : والمراد هنا ليس بحث موضوعه ، بل ترتيبه في الأفكار ، إذ لا يجوز وضع شرط التقدم قبل شرط النهوض ، فالفكر العلمي ثمرة للنهوض وليس العكس ،  الغاية منه تسخير الطبيعة لرقي الحياة الإنسانية ، و مثل هذا الفكر يحتاج لحشد من العلماء ، والمختبرات ، لإجراء التجارب ، واكتشاف قوانين الطبيعة الثاوية فيها ، والانتفاع بـهذه القوانين وتحويلها إلى مخترعات ، تقوم مجموعة من الصناع المهرة بصناعة هذه المخترعات ، ووضعها في خدمة الإنسانية على وجه من شأنه تعميم الانتفاع ، وليس قصره على أمة دون أمة .

نبذة موجزة جداً عن علاقات الأمم.

تـهدف هذه النبذة إلى لفت نظر دعاة التوحيد والعدل إلى تدبر السياسة العالمية ، أي ما تقوم به الولايات المتحدة للهيمنة على العالم ، والدول الكبرى الأخرى الطامحة للتأثير في السياسة العالمية ، من خلال رصد طريقتها وخططها ووسائلها وأساليبها ووسائلها لاتقاء خطرها من جهة ، ومن جهة أخرى للتأثير في مجريات السياسة العالمية ، لانتزاع القوامة وعودة قوامة الرحمة على العالم بديلا عن هذا الديناصور الأمريكي المهيمن على الكرة الأرضية كلها محولا إياها إلى شقاء يشمل الأغنياء الذين اشتد قلقهم من فرط الغناء والثروة ومجاميع الفقراء والمعوزين القائلين من شدة وطأة الفقر ليتنا لم نخلق.

منذ وجود الأمم  سارت في بناء علاقاتـها مع بعضها البعض على القوة ، طلبا للمجد أو المنفعة أو لهما معا ، من هنا كان الاجتياح والتدمير للبلد المهزوم ، انتقلت العلاقة إلى الاحتلال والمستعمرات الاستيطانية ، لتحل علاقة الاحتلال الكوليونالي في القرن التاسع عشر ، فالاستعمار الامبريالي الذي فرض التبعية والوصاية وترسيم الحدود ، وهو يعني فرض السيطرة السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية على الشعوب الضعيفة لاستغلالها ، ومنذ مطلع القرن العشرين استندت العلاقة إلى ما يسمى الشرعية الدولية عبر عصبة الأمم ، التي انـهـارت بسبب علاقات القوة والصراع ، ليس على مركز الدولة بالعالم بل على قطب العالم ، أو ما يشبه دولة تفرض السيطرة على العالم ، خلال نظام تَحَكُّمٍ في القوة العسكرية ، والسياسة ، والاقتصادية  والتدفق الإعلامي ، وتنفرد الولايات المتحدة الآن بالسيطرة على القرار العالمي إجمالا ، لقد ورثت الولايات المتحدة الإرث الاستعماري ، وتداركت في طريقة مذهلة عوامل الضعف في منظومة الاستعمار الإمبريالي ، لقد نقلت الصراع الدموي بين الإمبراطوريات الاستعمارية إلى نظام مشاركه ، هي رأسه ، ونادت بتحرير المستعمرات ، وإعلان حق تقرير المصير ، منتجة دولاً مستقلة شكلا ، مرتبطة بالاستعمار مضمونا ، من خلال صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ، وسيطرت تمام السيطرة على قرارات مجلس الأمن ، ومع تفكك القطب الثاني وبالتالي زوال الأسباب الداعية لوجود أحلاف عسكرية ، والاستمرار في تطوير السلاح ، إلاَّ أنـهـا لا تزال سائرة بالأمرين معا ، فهي في مثل هذه الحال لا بد من السعي لتجريدها من مكامن قوتـهـا ، وهي الأحلاف ، وحق النقض ، والفصل السابع في مجلس الأمن ، واستمرارها في تطوير السلاح ومنظومة العلاقات النقدية العالمية وهذا يقتضي دعاية عالمية واسعة ، غايتها بيان الخطر الكامن في بقاء الولايات المتحدة هي صانعة القرار العالمي .

هناك من يصف تاريخ التوسع الإسلامي ؛ بأنه من نوع سياسات التوسع للمجد والمنفعة . والتاريخ الواقعي ينفي ذلك تماما . ومن الصدق القول بأنه جرى انحراف من التوسع في سبيل الهداية إلى كونه توسعا في سبيل الجباية ، وكان من الواجب أنْ لا يكون ، ومع ذلك حدثت الهداية ، وحدث معها أيضا التقدم المعرفي وكانت السياسة في القطر المفتوح مثلها تماما في المركز.