رحمه الله تعالى

المعتزلة المعاصرة

أمين نايف حسين ذياب

Get Adobe Flash player

البحث في محتوى الموقع

احصائيات

عدد زيارات المحنوى : 498204

جدلية المناهج الاسلامية

بسم الله الرحمن الرحيم

جدلية المناهج الإسلامية

وكل يدعي وصلاً بليلى   وليلى لا تقر لهم بذاك

كل من هو على منهج يدعي انه على منهج الحق، وغيره على منهج الباطل، بل يزداد العجب! ان تقوم رويبضة من رويبضات مقلدة المناهج، فيتطوع ويقدم نصيحته لصاحب منهج آخر، طالباً إليه ترك منهجه والتحول بأسرع من سرعة الضوء الى منهج الرويبضة، حتى لا تختم حياته بما يلحق بها البوار يوم العرض والحساب، تلك هي حال أصحاب المناهج الإسلامية رؤوسهم ورويبضاتهم! ومن هنا يجري بين أصحاب المناهج الإسلامية مصارعة ثيران! وليس جدلاً يسعى الى الحق، ذلك هو السبب الذي يجعل المسلمين غثاءاً كغثاء السيل، قيل: إعرف الحق تعرف أهله، فالحق يعرف بالدليل ولا يعرف بالرجال، والدليل بل رأس الأدلة عقل يعرف الموضوع، وعقل يفهم القرآن بأدوات فهم القرآن اللسان العربي، وعقل يتثبت من سنة المصطفى عليه السلام فلا يقبل السنة المعارضة لكتاب الله، او التي تجعل الجور شريعة، او التي تقلب المفاهيم الكونية (حقائق الكون) ، ومع الدراسة بتمعن لتراث الأمة، يصبح على بصيرة من أمره مصداقاً لقوله تعالى ((قل هذه سبيلى ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين)) فالعجب كل العجب من امة تتناحر تاركة معالم الهدى وراء ظهرها! قال رسول الله عليه وعلى آله السلام يوم حجة الوداع: أيها الناس ان لكم معالم فاتنهوا الى معالمكم، فلماذا يا خير امة أخرجت للناس تعدلون عن السبيل الواضح؟؟؟ كل فرقة تزعم أنها على الحق بإضافة ما انزل الله بها من سلطان: فرقة تزعم انها على نهج السلف، والسلف الصالح منها براء، فهي على نهج الحشوية من المحدثين في القرن الثالث والرابع الهجريين وجاءت بأقوال ما انزل الله بها من سلطان، ليس في مسألة الأسماء والصفات وحدها، بل وفي مسائل أخرى عديدة لا دليل عليها، وأخرى تزعم انها على منهج أهل البيت، بعد ان جعلوا بلا دليل أهل البيت اثني عشر واصفين إياهم بالعصمة، وناقلين لروايات عن من زعموا أنهم أهل البيت ظاهر كذبها، تاركين زيد الشهيد والنفس الزكية وابراهيم ويحيى وادريس والهادي الى الحق والناصر الاطروش وغيرهما كثر، والاكثر امعاناً في الضلال من جعلوا عبد الله الحبشي هاديهم ومرشدهم، الجماعات والأحزاب كلها جعلت علمائهم منارتها في الهداية وغاب الدليل.

نحن الآن في بداية أول شهر من السنة الهجرية هي ١٤٢٥ هـــ وفي بداية عام ميلادي وعام مر كان من اشد الأعوام مرارة على المسلمين فهل يعود المسلمون لكتاب الله؟ فلنجعل كتاب الله حجة بين المسلمين حسب ما يفهم من لسان العرب، والنصيحة لهؤلاء المذهبيين ان يثوبوا الى رشدهم فيتبعون الدليل فالحق احق ان يتبع، والسلام عليكم ورحمة الله.

قراءة نقدية لجدل الحوار الصريح

بعد توزيع الصفحة التي سبقت - بل وقبل ان ينتهي التوزيع- ظهرت في فضائية المستقلة ندوة الحوار الصريح، بين السيد حسين السقاف من جهة وعدنان عرعور من جهة ثانية، وكان موضوعها ابن تيمية، وشمل اوار هذه المصارعة ساحة العالم كله، وانشغل الناس المسلمين في مشهد المصارعة، وليس في فهم الموضوع، ومن رصد الشتائم وجمل السباب مع وضد!! منها يصاب المسلم بالذهول- خاصة في الانترنت وفي غرف البالتوك- احقاً هؤلاء هم المسلمون !!! الذين يعبث العدو والظالمون في بلادهم فساداً، فكان من الضروري تنبيه المشاركين في البالتوك حصراً الى خطورة ما يفعلون بأقصر الجمل، هذه نمط منها:

* المعركة حامية الوطيس بين الشيعة والسلفية وتستعمل فيها جميع انواع الاسلحة المحرمة شرعياً.

* كل منزه لله تعالى هو عالة على اهل التوحيد والعدل (المعتزلة) رضي الله عن المعتزلة وكل مجسم استمد تجسيمه من اليهود، لعن الله اليهود.

* الادلة والحجج  عند الله : العقل فالكتاب فالسنة فالاجماع.

وإذ جرى ختام هذه الجولة من المصارعة، مع وعد بالعودة لجولة اخرى جاءت هذه القراءة النقدية، علّ الجولة الثانية لا تكون مثل سابقتها.

* أيها السلفيون!!!

* أيها التبليغيون!!!

* أيها الاشاعرة- والتالية اسماؤهم كلهم أشاعرة- الأحباش، العلماء، الوعاظ، الإخوان المسلمين. حزب التحرير!!!

* أيها الشيعة الامامية الجعفرية في كل مكان!!!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :

سألني البعض- في البالتوك او في التلفون- حول حلقات الحوار الصريح الذي لازالت المستقله تبثه، (أثناء بث الحلقات) ليس على جملة الحلقات، من حيث جدواها، او عدم الجدوى او إلحاق الضرر بالمسلمين، انصبت الأسئلة حول تكفير ابن تيمية من قبل حسن السقاف مستنكرين الأكثر او مسترشدين وهم الاقل، هكذا تحولت قضية الأمة الإسلامية من بعثها من رقادها، وهوانها على عدوها، الى هل يجوز تكفير حسن السقاف لابن تيمية ام لا؟

سيف التكفير هو السيف الذي حمله اهل الحديث (السلف) ضد غيرهم ولا زالوا هم حاموا رايته يعلم القاصي والداني ممن لهم اتصال واعٍ بفكر المعتزلة ان المعتزلة العدلية ضد هذا السيف (سيف التكفير)، ويجب ان يعلم الناس عدم مسؤولية المعتزلة عن المحنة، فالسيف الحقيقي عندهم ضد الحاكم الظالم بشروطه، فالمعتزلة لا تحتاج له مع الناس- إذ عندهم من حيث الوصف الناس ثلاثة: شخص آمن واطاع فهو مؤمن ممدوح يستحق الولاء، وآخر اسلم وقام ببعض الطاعات وارتكب كبيرة او كبائر (لا بد من التفريق بين فعل وارتكب فالأخيرة تعني استمر عليها ولم يتب منها) فهو فاسق، له اسم بين الاسمين، وحكم بين الحكمين، ومنزلة بين المنزلتين في الدنيا، لا تطلق منه امرأته، ويرثه اولاده، ويصلى عليه صلاة الجنازة، ويدفن في مقابر المسلمين، وثالث من انكر التوحيد والعدل، او انكر رسالة النبي، فهو الكافر، لا يستحق الولاء، ويستحق تنفيذ عهده واحترام انسانيته، فلا يضام، فان كان ذمياً فهو على عهد الذمة، وان كان مستأمناً فهو على عهده، ولا يضام حتى المحاربين فالاسلام رحمة للعالمين.

المواضيع المتعلقة بالايمان على ضربين أي نوعين : الأول الإيمان بالإسلام على الجملة، والثاني فهم موضوع الإيمان وقضاياه على بعض من التفصيل، والخلاف نشب على التفصيل، فانقسم الناس بسبب التقليد لا غير،  ولا شك فيهم من انحرف، وفيهم من غالى، وفيهم من قال ضلالاً وبهتاناً، وفيهم غلاة غلاة خرجوا عن الملة فالفهم والجدل هو طريق توحيدهم وليس غير ذلك.

ان اهل الحديث - وليس الخوارج - هم من فتح باب التكفير، وبيان ذلك ان التكفير الذي قالته الخوارج: بحق عثمان في سنوات حكمه الاخيرة، وفي علي بعد قبوله التحكيم، هو فعل المعصية، وليس كفر الردة او كفر الملة، فهو كفر دون كفر ولم يفهم منه غير ذلك، لكن تكفير اهل الحديث للمسلمين لم يتوجه هذا التوجه، ويمكن للقارئ ادراك ذلك من تكفير الاوزاعي لغيلان الدمشقي، وجملة من اهل الحديث كفروا عمرو بن عبيد وابي حنيفة وابراهيم بن ابي يحيى وغيرهم، فلحق اهل الحديث في تبني التكفير الاشاعرة والشيعة، فهم كفروا بعد ممارسة اهل الحديث للتكفير، فالتكفير آفة تمنع العلم والمعرفة، وقى الله الامة شر تكفير المسلمين بعضهم بعضاً، وليحل جدل الافكار الحية محل السجال الذي لا يجدي ولا يفيد.

كمال الكلام او التكميل

مع توزيع الصفحتين السابقتين : جدلية المناهج الاسلامية وجواب سؤال حول الحوار الصريح للمستقلة، ومع انهما وضحا صورة الامة القابعة في ظلمة وحشية الصراع المذهبي، وكان على المتصارعين الكف عن هذا الصراع فوراً، وقد ظهر من مشاركات السادة المتداخلين ممن يشار اليهم في الاصابع مقدار رعبهم من سلطة الفكر السلفي، وعلى سبيل المثال تهرب الصوفي البوطي من المواجهة الحقيقية في عمومات لا تنطلي على احد، ومثله العلماني داعية الولايات المتحدة احمد الربعي المرتد من الولاء للقومية العربية-كما كان يزعم- الى الولاء المطلق للولايات المتحدة، مع ان امر فكر ابن تيمية واضح جداً في كونه يقود الرؤية السلفية- وهي رؤية سطحية ساذجة- تربط مستقبل خير امة اخرجت للناس (لاحظ ايها القارئ الكريم كلمة الناس) فقد ربطها جمع السلفيين: علماؤهم، ومن وصف بطالب العلم منهم، وطويلب العلم، والاتباع السذج، في جعل ابن تيمية معيار للحق، اذ لم يقل الا الحق، ومن فهم ان ابن تيمية اخطأ فقد قال خطلا، وزور الكلام على ابن تيمية، او لم يفهم مراد ابن تيمية، تلك هي الصورة البئيسة التي تكشفت عنها صورة مسار الحوار الصريح.

ايها السادة لا بد من البدء من نقطة ابتدائية من محورين :

المحور الاول : آراء ابن تيمية، وهي ذات موضوع مشهور، هو موضوع ما سموه الاسماء والصفات، وإذ قدمها للناس وضع عليها اربع تحفظات ما انزل الله به من سلطان، فصارت تحفظات ابن تيمية مسيطرة على كتاب الله سيطرة تامة، وهذه التحفظات هي :

* نثبت ما اثبته الله لنفسه من الاسماء والصفات الواردة في الكتاب والسنة، وهو هنا ساوى بين نص القرآن الذي هو عين كلام الله حقيقة، وبين نص السنة المتحمل رواية، وقد قصد بان تيمية من هذه (الآية) التيمية المضافة للقرآن زوراً وبهتاناً الغاء العقل-كدليل يعرف الله به- وإذ الغى العقل والغى المجاز ايضاً، جعل الصبيان يلعبون بالقرآن، على ما شاء لهم هواهم، وابن تيمية في كتابه درء تعارض العقل مع النقل الذي تفاخر به العلماني الربعي لم يعلم ان ابن تيمية جعل العقل تابعاً للنقل، وإذ النقل مجرد نص فقد جعل النص محكوماً لكيفية الاستدلال عند ابن تيمية فقط.

* تليق بجلاله وعظمته هذه هي الاضافة الثانية من اضافات ابن تيمية، لقد اثبت ابن تيمية هذه الجملة ليسوغ اعتداءه على البيان في اللغة العربية من جهة، وعلى ذات الله تعالى من جهة اخرى، إذ جعله جسماً، فوقع في ورطة ما بعدها ورطة!!! جاء بهذه الجملة، وهيهات ان تنقذه من ورطته، والحقيقية ان هذه الجملة المضافة هي عدوان صريح على القرآن، فهي تجعل بيان القرآن وهو اعلى انواع الخطاب خطاباً حسياً. فتصورابن تيمية لذات الله هو تصور حسي، ولا تخدعنك الجعجات المختفية في طيات هذه الجملة، لقد جعل ابن تيمية الجوارح والافعال صفاتاً فوقع في الطامات، وفوق ذلك خالف اللغة فجعل الاضافة اثباتاً، زيادة على الغاءه المجاز.

* كيف شاء متى شاء ماذا تعني هذه الجملة في مذهب ابن تيمية؟ لقد اثبت ابن تيمية القدم لافعال الذات من حيث هي وصف للذات، وإذ الثابت هو حدوث افعال له تعالى قال بالقدم في النوع والحدوث في الافراد، وإذ هذا يعني حلول الحوادث فيه-أي يكون متغيراً- هرباً من ان يكون الله معطلاً وجد نفسه في مأزق فخرج من المأزق بقوله في هذه الجملة، ولكن الجملة زادت المأزق حدة، إذ تؤدي الى كون الله متغيراً، فجاء ابن تيمية بهذه الجملة، وقال بسببها بالقدم النوعي للخلق، والحدوث في الافراد، وقد وصف هنا بوقوعه في قول الفلاسفة من قدم الخلق مع الله وهذا شرك في رأي غيره.

* بلا كيف نفي الكيف ورد في القرآن الكريم ن ذات الله ، وليس عن اجزاء فيه، فالله لا يتألف ولا يتجزأ ولا يتبعض.  وهو إذ اثبت الجوارح صفاتاً بعد منعه للمجاز، وقع في المحذور وهو الاجزاء والابعاض والائتلاف، فلعب لعبة مكشوفة، وجعل نفي المثل ينصرف لهذه الاجزاء والابعاض، وهذه كارثة ابن تيمية في تصوره لله تعالى فالنفي عند ابن تيمية متوجه لكيف البعض الذي جعله صفة لله تعالى وليس لنفي المثل عن الله تعالى  ذاتاً فقوله تعالى (ليس كمثله شيء) تتحول عنده ليس مثل يده يد، وهذا تحريف واضح للقرآن في موضوع الاسماء والصفات، هذه الجمل الاربع اتكأ عليها السلفيون في موضوع الاسماء والصفات فهل يجوز لواحد ان يقيم تحفظاً من عنده لفهم القرآن؟

* سببت هذه الجمل الاربع كارثة فهم معاصرة، تعيش الامة معها اليوم، وكان بالامكان الاطلال على ابن تيمية كعالم من العلماء، يجتهد ويخطأ ويصيب، ويمكن تجاوز فكره بمعطيات العلم اليوم، ولكن السلفية جعلته مرجعية ومحجاً ، ودائماً يرددون هذه المقطوعة الشعرية:

العلم  قـــال الله قــــال رسـوله    قــــال الصحابة ليس خلف فيه

ما العلم نصبك للخلاف سفاهة    بين النصوص وبين رأي سفيه

كلا ولا نصب الخـلاف جهالة    بين الرســول وبين رأي فقيـــه

كلا ولا رد النصــوص تعمداً     حــذراً مـــن التجسيم والتشبيـه

حاشا النصوص من الذي رميت به    من فرقـــة التعطيــل والتمويــه

المحور الثاني : ليس هو ابن تيمية، وعلمه، وكفره او عدم كفره، وانما هو في سيطرة طريقة تفكيره على ما يسمى بالسفليين، فكل من على غير طريقة تفكيره هو : مبتدع، ضال، جاهل، كافر، جهمي، اضل من حمار اهله، والارض ليست كروية، وطاعة ولي الامر واجبة-وان جلد الظهر واكل اموال الامة- بل وان اغتصب الحكم اغتصاباً، او ينكر السنة-المقصود ليس سنة المصطفى بل كتب الحنابلة المسماة بالسنة- المملوءة بحشو المعتقدات و....و...و...

هذه الكارثة في خطاب التفكير (الايمان) وخطاب التكفير، وخطاب الطاعة للظالمين وقفت عملاقاً امام التقدم من جهة، وتحول المخلصون منهم لعمق حسهم بالتدين لا بالحضارة الاسلامية الى كتلة من اللهب سخرتها امريكا ذات يوم آداة من ادواتها ضد الشيوعية في افغانستان وغيرها، وعند افاقتهم من تخدير عقولهم من ضرورة قتال الملاحدة، بل والاستعانة بأصحابهم ضد العراق-اذ ان حزب البعث الذي يقود العراق حزب كافر في نظر المخلصين- فقد سمعوا له اواعانوه على ضرب العراق وتدميره، ويكتشفون اخيراً انهم لا في العير ولا في النفير.  وان صديقهم باق وراسخ في بلاد المسلمين ويسعى الى اضعاف التدين وتشجيع التغيير في علاقة الناس بالدين، ارتدت فرقة منهم عليه وهم اهل حماس واخلاص سماهم الصديق الآن الارهابيين، واخذ صديقهم بالامس يقتلهم بلا ادنى رحمة، او ذرة انسانية، هذه صورة تأثير فكر ابن تيمية على الزمن الحاضر، ولا اخفيكم رغم الخلاف انني مع من يقاوم لا مع الخالفين.

* من يقرأ الجمل السابقة وهي تكاد في اغلبها تتوجه ضد السلفية، فيتبادرالى ذهنه صحة المناهج الاخرى، لا يظنن ظان ان الادانة متوجهة نحو منهج السلفية فقط، ولا تشمل لإدانة منهج الاشاعرة، وهو منهج من اسوأ المنهاج ايضاً، سواء في صورته الاولى عند الاشعري، او الباقلاني، او الاسفاريني او البغدادي صاحب الفرق بين الفرق، اوالغزالي، او في صورته الحديثة عند العلماء والشيوخ المعاصرين،  او عند مجموعة متشدقة فيه، تستدل بالمتون وليس بالدليل، وقد تسرب هذا الداء الوبيل الى كل الزمر والمجاميع الاشعرية، فهي هي عند الاحباش، اوعند الاخوان المسلمين، او حتى عند حزب التحرير، فالمنهج الاشعري منهج ملفق تلفيقاً تاماً، فهو جبري في كل صوره، حتى عند حزب التحرير، الذي ادان الكسب الاشعري، ولكنه غطس فيه حتى أذنيه، عند متولد الفعل الانساني، وعند مفعولية الفاعل من بني الانسان، فالمنهج الاشعري، وهو منهج لم يظهر الا بعد ٣٠٠هـــ للوقوف في وجه المعتزلة، وليس له جذر ابتني عليه، فهو منهج بدأ انتهازياً ومساره تلفيقي، حاول امامهم الاشعري مواددة اهل الحديث فنبذوه، وقد صار اسم اهل الحديث الحنابلة بعد المحنة، بسبب وضع احمد بن حنبل دون غيرة في دائرة الضوء، اذ هو رأس في نظرية طاعة الحكام على أي حال كانوا، وهو المراوغ، والمنظر الاول لطاعة الحكام على أي حال كانوا عليها في المذاهب الاربعة، واهملوا الثابتين المتحدين للسلطة من الوضع في دائرة الضوء، كأحمد بن نصر الخزاعي، الذي قدم حياته في سبيل الدفاع عن فكرة قدم القرآن.

* المنهج الثالث المدان هو منهج الشيعة الامامية وهو فضلاً عن انهيار اصوله الثلاثة: النص على الائمة، والعصمة لهم، والمهدي المنتظر، ولتسويغ هذه الثلاثية الخطيرة اخترعوا تفاسير لآيات مثل : آية الولاية، وآية التطهير، ومفهوم ولي الامر في قوله تعالى : ((واولي الامر منكم))، وآية: ((اني جاعل في الارض خليفة)) يفسرونها على غير طرائق فهمها ويأتون بسيل من الروايات الخرافية حول ائمتهم تقشعر منها الجلود والابدان.

* يبقى من مناهج المسلمين ثلاثة مناهج غير منتشرة لا بد من الاشارة اليها وهي :

* الاسماعلية وهو منهج شيعي ظهر بعد موت جعفر الصادق ساق الامامة الى اسماعيل بن جعفر ولا يخلو الزمان عندهم من امام مكتوماً او ظاهراً وكل ائمة الدولة الفاطمية منهم غالوا بأئمتهم مغالاة لا يمكن تسويغها في عهد الحاكم بأمر الله ظهرت الدرزية وفي انقلاب الوزير بدر الجمالي على نزار ونقلها الى المستعلي صارت الاسماعيلية فرقتين النزارية والمستعلية وفي زمن متأخر انقسمت المستعلية الى سليمانية وداودية والفرق الاسماعيلية الاربعة فيها باطنية شديدة ومغالاة فهي خارج الهم الاسلامي الآن من حيث هي فرق.

* الاباضية : هي الفرقة الوحيدة الباقية من الخوارج، وهم ينكرون جواز تسميتهم بالخوارج، اذ قبلوا المقولة الشائعة-وهي مروق الخوارج من الدين- بدلاً عن الخوارج عن طاعة الامام علي عليه السلام اثر قبوله التحكيم، وهي فرقة موجودة في عمان على كثرة وعلى قلة في ليبيا وتونس والجزائر ورغم تعاور الحكم بين الامامة في عمان بين (عقد المراضاة) و السلطنة (اغتصاب الحكم) مدة طويلة - إذ لم يلغ آخر امام الا عام ١٩٥٧م – فقد كان حالهم حال الحصار.  وهم على التنزيه من حيث التوحيد وعلى الجبر (الكسب الاشعري) فهم جبرية لا عدلية، وهم مع عقد المراضاة للامام، والثورة عليه ان جار او اغتصب الحكم، ويقولون بقول المعتزلة في كون القرآن مخلوقاً، مع قولهم بالكلام النفسي، ويرون استحالة رؤية الله يوم القيامة، وخلود العصاة في النار، وغمارتهم الفكرية بهذه الصورة افتقدت النسق الفكري، وصورتهم السلوكية صورة الورع وليس التقوى، وهي صورة تتوجه نحو العبادات والهيئات، فهي تضع الناس ليس في صورة التفاوت، ومن هنا وقعت في ازمتها ولا تزال.

* الزيدية : كلمة الزيدية كلمة (غالباً) بدأت كاسم اريد به من ناصروا الامام زيداً بن علي وخرجوا معه، أي قاتلوا معه، وقد اطلق هو عليه السلام على من رفض القتال معه بعد سؤالهم اياه : ما قولك في ابي بكر وعمر؟ فقال : غفر الله لهما، ما سمعت احداً من اهل بيتي تبرأ منهما، ولا اقول فيهما الا خيراً، وبعد نقاش معهم رفضوه وانصرفوا، فسماهم زيد بالرافضة أي من رفض القتال مع زيد، وكان خروجه عليه السلام في ١٢٢هــ فقتل بعد معركة شرسة ظهر فيها بطولاته، ومن خرج بعده : كالنفس الزكية، واخوه ابراهيم النفس الرضية، لم يطلق عليهما اسم الزيدية، فالزيدية مصطلح متأخر، وله معان متعددة غبر الزمن، ولا يظهر وجود اسم دال على منهج او فرقة او مذهب باسم الزيدية، الا على الغالب بعد ما دونه حميدان بن يحيى في مجموعه من اعلان قطيعته مع فكر المعتزلة، وقد تناوب من سمو بالزيدية في حكم  قسم من اليمن منذ الهادي سنة ٢٨٣هــ = ٨٩٦م في صعدة، متوسعاً في ارض اليمن، وبقي الحكم فيهم الى حوالي ١٣٨٢هــ = ١٩٦٢م وبقي كل هذه المدة في حالة حصار، وجرت فيه متغيرات كثيرة لا امكانية لذكرها.

الحقيقة الكبرى هي الاسلام، وهو الدين النهائي الذي انزله الله وحياً على نبي الهدى محمد ، مرجعية هذا الدين العظيم القرآن الكريم والسنة، وهي مقيدة بعدم معارضتها للقرآن، فلا تجسيم ولا تشبيه ولا جير ولا هز الوعد والوعيد، والاسلام تكليف بما يطاق، ولمصلحة الخلق وكل ما نزل من هذا الدين معقول مباشرة كالتوحيد والعدل، او معقول بسبب الايمان بصدق المخبر، ويفهم في سياق اللسان العربي دون تعارض مع اسس الاسلام العقلية، ولا مجال لشرح طويل في هذه العجالة وهذا هو منهج الاسلام، تبنته المعتزلة دون غيرها فالمعتزلة منهج للتعامل مع الاسلام في الايمان والاحكام وليس مذهباً ولا فرقة ولا طائفة.

وفي الختام هذا عنوان ومواضيع كتاب حسن المالكي وهو من السعودية، وقد كشف مقدار تجنى الحنابلة والسلفية على مجتهدي الامة، وعلى كلٍ - تكفير ابن تيمية او تقديم شهادة بأنه شيخ الاسلام بلا منازع - لن يفيد الامة الاسلامية، ولن يفيد ابن تيمية، فقد افضى الى ربه يوم الاثنين الموافق العشرين من ذي الحجة سنة ٧٢٨هــ وسلام الله على امة الاسلام.

قراءة في كتب العقائد

المذهب الحنبلي نموذجاً

تأليف

حسن بن فرحان المالكي

مركز الدراسات التاريخية

الاهداء

المذكرة الايضاحية والمقدمة

اولاً : مصطلح العقيدة بين السنة والبدعة!!

ثانياً : الجذور السياسية للخلافات العقائدية

١- الاختلاف يوم السقيفة وموقف المسلمين منها وآثارها الفكرية:

٢- وصية ابي بكر لعمر بالخلافة وموقف المسلمين منها

٣- بيعة عثمان والشورى وموقف المسلمين منها:

٤- الفتنة الاولى وآثارها الفكرية وموقف المسلمين منها:

٥- بيعة بن أبي طالب وحدوث الفتنة الثانية وآثارها الفكرية وموقف المسلمين منها:

٦- صلح الحسن وآثاره

٧- الدولة الاموية وآثارها على العلم والفكر

ثالثاً : نقد المذهب الحنبلي في العقيدة

١- التكفير والتبديع في كتب الحنابلة

٢- التشبيه والتجسيم عند الحنابلة

٣- كثرة الاكاذيب من الاحاديث الموضوعية والآثار الباطلة

رابعاً : تأثير العقيدة على الجرح والتعديل

خامساً : التناقض

سادساً : عدم فهم حجة الآخر

سابعاً : الظلم

ثامناً : العنف

تاسعاً : الافتراء على الخصوم

عاشراً : ارهاب المتوقفين

احد عشر: سكوتهم عن الانكار على بعضهم

ثاني عشر: غلوهم في ائمتهم

ثالث عشر : ردود الافعال

رابع عشر : عدم ادراك معنى الكلام

خامس عشر : تشريع الكراهية بين المسلمين

سادس عشر : ذم المناظرة والمحاورة

سابع عشر : التزهيد في التحاكم الى القرآن مع المبالغة في الاخذ بأقوال الرجال

ثامن عشر : التساهل في كبائر الذنوب والموبقات مع التساهل في امور مختلف فيها

تاسع عشر : التقارب مع اليهود والنصارى والتشدد على المسلمين

عشرون : تقرير شرعية الفرح بمصائب المسلمين من الفرق الاخرى

الواحد والعشرون : الحكم الجائر على الآخرين

الثاني والعشرون : الامر بقطيعة الرحم

الثالث والعشرون : النصب

الرابع والعشرون : الاستدراك على الشرع

ما البديل؟!

الخاتمة وابرز النتائج

الحنابلة والسياسة!!

ملحق بأقوال بعض العلماء والباحثين قديماً وحديثاً (١) -:

١- كلام عمرو بن مرة (١١٨هــ)

٢- اقوال لابن الوزير (٨٤٠هــ)

٣- اقوال للمقبلي (١١٠٨هــ)

٤- اقوال لابن الامير (١١٨٢هــ)

٥- اقوال جمال الدين القاسمي (١٣٣٢هــ)

٦- مقال لسعود الصالح

٧- مقال لسعود بن عبد الرحمن النجدي

٨- منصور النقيدان

٩- مبحث مختصر للحكمي

واخيراً

(١) هذه الاقوال والابحاث (التي اشار اليها المالكي) تعبر عن وجهة نظر قائليها وليس بالضرورة ان اتفق (يعود الضمير للمؤلف) معهم في كل ما اوردوه لكنني اوردتها هنا لأن كل قول من هذه الاقوال تتفق في الجملة مع ما طرحته في هذه المحاضرة.